حملة بطيئة لكن ممنهجة لهدم عقارات في التضامن
تواصل محافظة دمشق، حملة هدم جزئية وبطيئة على مراحل، لأبنية ضمن حي التضامن الدمشقي. وفي ظل استمرار نزوح معظم أصحاب الحقوق عن التضامن، وعدم وضوح الأسس القانونية الناظمة لعمليات الهدم، فإن ذلك يُشكل تهديداً حقيقياً لحقوق السكن، الأرض والملكية.
ويقع حي التضامن جنوب شرقي دمشق، ويعتبر بمثابة البوابة الجنوبية للعاصمة، ويبعد 6 كيلومترات عن مركزها. ويعود السكن في التضامن إلى نهاية الستينيات، عندما نزح الآلاف من الجولان والقنيطرة نتيجة سقوط الجولان بيد اسرائيل في حرب حزيران 1967. وأقام النازحون عشوائيات في أراضي منطقة التضامن الزراعية التابعة لمدينة دمشق.
مراسل سيريا ريبورت أشار إلى وجود تقديرات ذات مصداقية، تقول بإن أكثر من 300 بناء قد تمّ هدمها في أنحاء مختلفة من حي التضامن، منذ استعادت قوات النظام السيطرة على الحي في العام 2018.
وبحسب شهادات متقاطعة لسكان التضامن، تحدثوا لمراسل سيريا ريبورت، فإن عمليات الهدم تتركز في المنطقة المحيطة بجامع سلمان الفارسي، عند تقاطع شارعي بلور الشهباء والسبورات. وهذه المنطقة كانت بمثابة خط دفاع عسكري أثناء سيطرة المعارضة على التضامن 2012-2015، ومن بعدها تنظيم الدولة 2015-2018. ومنذ العام 2018، هدمت محافظة دمشق عشرات الأبنية في هذه المنطقة وصولاً إلى شارع فلسطين في مخيم اليرموك المجاور.
مصدر عسكري سابق في أحد فصائل المعارضة من التضامن، قال لمراسل سيريا ريبورت، إن المعارضة كانت قد حفرت أكثر من 20 نفقاً تحت أرض المنطقة، لاستخدامها في العمليات العسكرية. المصدر العسكري لم ينكر أن تلك الأنفاق يمكن أن تتسبب بتخلخل أرض المنطقة والتأثير على أساسات الأبنية. وبحسب المصدر، فإن محافظة دمشق، تعمل بتوجيهات أمنية وعسكرية، على هدم كامل المنطقة لا حرصاً على سلامة الأبنية الإنشائية، بل لردم الأنفاق والتخلص من إمكانية استخدامها لاحقاً.
ويفسر بعض الشهود بطئ حملة الهدم، بأن المحافظة تسعى لعدم إثارة أصحاب العقارات في المنطقة. في حين أشار آخرون إلى أن السبب يعود إلى ضعف إمكانيات المحافظة اللوجستية والمالية، ما يتسبب بانخفاض وتيرة الهدم. في كلا الحالتين، تبدو الحملة رغم بطئها، ممنهجة ومتواصلة، وقد نتج عنها مسح منطقة واسعة من الأبنية الطابقية عن سطح الأرض.
ورغم البطئ والتتابع التدريجي في عمليات الهدم في التضامن، فقد سجّلت حالات اتسع فيها نطاق الهدم بشكل واسع لفترات محددة. في مطلع العام 2020، تمّ تفجير ثمانية بنايات وسبعة منازل طابقية، دفعة واحدة، في حارة الشوام جنوب شرقي التضامن، بذريعة وجود أنفاق تحتها. ولكن حارة الشوام لم تكن يوماً خط اشتباك بين قوات النظام والمعارضة، وبالتالي فليس هناك من مبرر عسكري لوجود أنفاق تحتها، كما قال مصدر عسكري معارض لمراسل سيريا ريبورت.
في الوقت ذاته، تواصل محافظة دمشق إزالة الأنقاض التي تخلفها عمليات الهدم، ونقلها إلى منطقة الطبب ضمن حي التضامن. وكانت قوات النظام قد فخخت ودمرت كامل منطقة الطبب مطلع العام 2013. والطبب هي منطقة مخالفات قديمة البيوت فيها طابقية مبنية من دون مراعاة قواعد السلامة الإنشائية ومعظمها تفتقر إلى الأساسات. معظم قاطني الطبب سابقاً من موظفي الدرجات الدنيا في القطاع العام والوزارات، ونسبة كبيرة منهم من منتسبي جهاز الشرطة.
وكان محافظ دمشق السابق، قد شكل في تموز 2018، لجنة لتطبيق القانون رقم 3 لعام 2018 الخاص بإزالة الأنقاض، لإزالة الأنقاض من التضامن، وإعادة تدويرها، وتحديد المباني الصالحة للسكن فيه. وخلصت اللجنة في تشرين الأول 2018، إلى وجود 690 منزلاً صالحاً للسكن، يمكن للأهالي العودة إليها مؤقتاً، إلى أن يتم تنظيم كامل منطقة التضامن وفق أحكام المرسوم التشريعي رقم 10 لعام 2018 القاضي بجواز إحداث منطقة تنظيمية أو أكثر ضمن المخطط التنظيمي العام. وبعد احتجاجات للمتبقين من لأهالي، تدعمهم قوات من مليشيا الدفاع الوطني المحلية، عادت المحافظة في العام 2020، وقسّمت الحي إلى ثلاثة قطاعات؛ أ، ب وج، بغية دراسة حالة العقارات الفنية. وأحصت المحافظة في القطاعين أ وب، 2500 منزلاً صالحاً للسكن، وحوالي 1000 منزل غير صالح للسكن. فيما اعتبرت المنطقة ج التي تمثل الجزء الجنوبي من الحي، منطقة أضرار مرتفعة غير قابلة للسكن.
مؤخراً، سمحت المحافظة لأول مرة لبعض النازحين بالعودة إلى منازلهم في المنطقة ب، بعد الحصول على تقديم طلب يتضمن إثبات ملكية، والحصول على الموافقة الأمنية من فرع المنطقة التابع لشعبة المخابرات العسكرية المسيطر على المنطقة. ويعاني العائدون إلى المنطقة “ب”، من غياب الخدمات الرئيسية من شبكات الماء والكهرباء والصرف الصحي. أما بالنسبة لأصحاب العقارات التي تحتاج إلى ترميم، يتوجب عليهم التقدّم لبلدية التضامن بطلب للحصول على موافقة ترميم.
لا يمكن لكثير من النساء الحصول على الموافقة الأمنية للعودة، إن كان أحد الذكور العائلة، كالزوج أو الإبن، قد سبق وشارك في نشاطات معارضة للنظام. يتم هذا المنع بشكل أتوماتيكي، ومن دون وجود أي أدلة لدى الأجهزة الأمنية، على رضا المرأة أو رفضها، لسلوك ذكور العائلة، ونشاطهم السياسي أو العسكري.