حماة: هدم واسع النطاق بذريعة المخالفات
تواصل محافظة حماة تنفيذ حملة هدم واسعة لما قالت إنه “مخالفات بناء” في مناطق متعددة من مدينة حماة. وشملت حملة الهدم مساكن وأبنية ومستودعات ومعامل، وقد تم الحجز على أنقاضها وإحالة أصحابها إلى القضاء.
مصدر الصورة: محافظة حماة
وتمت عملية هدم الأبنية في أحياء متعددة أهمها النقارنة وكازو ووادي الجوز ومزارع الضاحية، وسط توجيهات مشددة من محافظ حماة محمد كريشاني، الذي أشرف شخصياً على عملية الهدم في حي النقارنة. وبرر المحافظ الحملة في حديثه لصحيفة الوطن الموالية، في 30 تشرين ثاني 2020، بالقول إن المخالفات المهدومة في منطقة النقارنة “تعود لتجار مخالفات على مستوى كبير، لا لفئات شعبية فقيرة”. وأكد تنظيم أوامر هدم نظامية، وبمؤازرة قيادة الشرطة، ولجنة الهدم المركزية المشكلة بموجب المرسوم 59 لعام 2008 الخاص بالأبنية المخالفة.
وأضاف المحافظ أن 14 معمل بلوك “تخدم تجار مخالفات البناء” في النقارنة قد تم ختمها بالشمع الأحمر والحجر عليها. وأكد أن “النقارنة منطقة خضراء يمنع البناء فيها”، وأن “المخالفات بحماة بعد اليوم ممنوعة نهائياً، وأي مخالفة للمرسوم رقم 40 لعام 2012 تعالج وفقه أصولاً”.
والمرسوم التشريعي 40\2012 خاص بمخالفات البناء وينص على إزالة الأبنية المخالفة بعد تاريخ صدوره “مهما كان نوعها وموقعها وفرض غرامات مالية والحبس بحق كل من تثبت مسؤوليته عن المخالفة وكذلك العاملون في الجهة الإدارية المقصرون في أداء واجبهم في قمع المخالفة”.
وأقيم حي السلام “النقارنة” كعشوائية على ما كان أرضاً زراعية جنوبي مدينة حماة، تم استملاكها في العام 1983، لصالح مجلس مدينة حماة. وتم الاستملاك بموجب المرسوم الصادر عن رئاسة الجمهورية 880 للعام 1983، المستند بدوره إلى مرسوم الاستملاك 60 لعام 1979.
وتبلغ مساحة حي النقارنة 500 هكتار، وسبق أن قدمت محافظة حماة دراسة لتحويل جزء منه إلى منطقة تطوير عقاري، وطلبت من وزارة الأشغال العامة والإسكان الموافقة على إدخال المنطقة ضمن المخطط التنظيمي للمدينة، لإعداد مخطط تفصيلي لها، وتحديد الجزء المناسب منها لإحداثه كمنطقة تطوير عقاري.
في العام 2008 أعلن مجلس مدينة حماة عن المخطط التنظيمي للأراضي المستملكة في النقارنة، ومنح تراخيص بناء لجمعيات سكنية بغرض انشاء 1724 وحدة سكنية ضمن مساحة 104 هكتارات. لكن، في أيلول 2018 قررت المحافظة هدم كامل الحي بما في ذلك الأبنية التي أقامتها الجمعيات السكنية، بذريعة المخالفات. واستمر الهدم لأسبوع كامل. وكان أصحاب الأراضي المستملكة قد وعدوا بالحصول على سكن بديل في الجمعيات السكنية حال اكتمال البناء، وهذا ما لم يتحقق.
وليس حي النقارنة هو الوحيد الذي تعرض للهدم في السنوات السابقة. إذ هدمت المحافظة حي مشاع وادي الجوز في أيلول عام 2013، لينزح عنه 25 ألف شخص. ويعد حي وادي الجوز من أكبر مناطق السكن العشوائي في حماة وقد هدمته محافظة حماة بعد انسحاب قوات المعارضة منه. وبوصفه منطقة مخالفات، وبحجة الدمار الكبير اللاحق به، تم تكليف فرع المؤسسة العامة للإسكان في العام 2013 باستملاك الحي بصفة مستعجلة، بغرض إشادة مساكن برجية، وتم وضع مخطط تنظيمي للحي وفقاً للمرسوم التشريعي رقم 5 لعام 1982 وتعديلاته، ولم يتم دفع أي تعويض للسكان عن عملية الاستملاك. وتم إدخال الحي ضمن مناطق التطوير العقاري، بموجب قرار رئيس الوزراء رقم 2318 في آب 2014، بمساحة إجمالية 30 هكتاراً.
كما أزالت محافظة حماة حي مشاع الأربعين في أيلول 2012. ويقع مشاع الأربعين شمال شرقي حماة، وكان يقطنه 30 ألف شخص، وقدرت منظمة هيومن رايتس ووتش مساحة الهدم بـ40 هكتاراً، وقالت إن دوافع سياسية وعسكرية كانت خلف عمليات الهدم، خلافاً لتصريحات المسؤولين السوريين التي أحالت الهدم إلى مشاريع تنظيمية وتطويرية.
ومنذ أعوام وعمليات الهدم تتصدر أخبار مجلس مدينة حماة تحت ذرائع المخالفات القانونية. في نيسان 2020 تم هدم 59 بناء في النقارنة وضاحية أبي الفداء ودوار الأربعين ومشاع المعلمات ودوار طريق حلب وحرم مدخل الضاهرية، وتمت إحالة أصحابها إلى القضاء وفق تصريحات المسؤولين. وفي آب 2020، أعلنت المحافظة عن هدم ثمانية أبنية في مناطق متعددة منها النقارنة ومزارع ضاحية أبي الفداء. وفي أيلول 2020، تم هدم مخالفات في مشاع مزارع الضاحية، واتخذ بحق أصحابها الإجراءات القانونية وفق التصريحات الرسمية.