حتيتة التركمان: استيلاء على العقارات باسم “المصادرة”
رغم السماح للأهالي بالعودة إلى بلدة حتيتة التركمان في غوطة دمشق الشرقية في العام 2018، فإن منطقة واسعة من البلدة القريبة من طريق مطار دمشق الدولي ما زالت تعتبر أمنية يمنع الإقتراب منها، كما أن كثيراً من عقارات البلدة قد تعرضت للمصادرة.
صورة من حتيتة التركمان. المصدر: سيريا ريبورت
وحتيتة التركمان بلدة تتبع لناحية المليحة، وفيها منذ العام 1970 ثكنة عسكرية لقوات الدفاع الجوي المكلفة حماية مطار دمشق الدولي. وبسبب قربها من قصر المؤتمرات ومدينة المعارض، وكثافة البساتين فيها، فقد تحولت الحتيتة إلى منطقة سياحية تكثر فيها المطاعم والمنتزهات، ومنها مطعم بوابة دمشق الذي دخل لائحة غينيس للأرقام القياسية عام 2008 كأكبر مطعم في العالم.
وتتخذ المخابرات الجوية حالياً، من كامل منطقة الميدنية السكنية التابعة للحتيتة، والتي تمثّل مدخل البلدة من جهة طريق المطار، منطقة أمنية لها، وتمنع جميع أصحاب العقارات فيها من زيارتها أو السكن فيها. والميدنية قريبة من حاجزي الجسر الخامس التابعين للمخابرات الجوية، وهما من أكبر الحواجز على طريق المطار.
وتقدّم أصحاب بيوت وعقارت في حي الميدنية، خلال الشهور القليلة الماضية، بطلبات إلى اللجنة الأمنية للسماح لهم بالعودة إلى منازلهم. ولم يسمح لأحد من الأهالي حتى اللحظة بالعودة إلى المنطقة، وسط وعود بدراسة اللجنة الأمنية للطلبات. وتشكلت اللجنة الأمنية في حتيتة التركمان، في العام 2018، وتتألف من أمين الفرقة الحزبية والمختار ورئيس البلدية، وممثلين عن المخابرات الجوية.
وكان يقطن البلدة حتى العام 2011 حوالي 7500 شخص بحسب تقديرات أهلية. وظلّت البلدة خالية من السكان ما بين العامين 2013-2018، بعدما سيطرت عليها المخابرات الجوية. وعاد إليها حوالي 2500 شخص تقريباً، وتم تهجير حوالي 1500 شخص من أهلها إلى الشمال السوري عام 2018 مع القوافل التي خرجت من الغوطة الشرقية.
اللجنة الأمنية مسؤولة أيضاً عن إعداد لوائح بأملاك المعارضين والاستيلاء عليها. ويطلق الأهالي محلياً على اللجنة الأمنية اسم “لجنة التشميع”، لأنها قامت بختم بيوت المعارضين بالشمع الأحمر. والختم بالشمع الأحمر، في كل الحالات رمزي، لأن تلك العقارات معفشة بالأصل، وما من أبواب لها، ولذا، يكتب على جدرانها كلمة “مُشمّع”.
وهناك أنواع مختلفة من العقارات التي تم الاستيلاء عليها في الحتيتة؛ عقارات استولت عليها المخابرات الجوية، وكتبت على جدرانها الخارجية: “مصادر”، وأحياناً “مصادر. المخابرات الجوية”. والقسم الثاني استولت عليه البلدية بناءً على ما قالت إنه “قرارات مصادرة رسمية”. وختمت البلدية تلك العقارات بالشمع الأحمر، وكتبت على جدرانها الخارجية: “مُشمّع. بلدية حتيتة التركمان”. وفي كل الأحوال، لم تقدم المخابرات الجوية ولا البلدية أية وثائق تبرر عمليات الاستيلاء على تلك العقارات ولا سبب تسميتها بالمصادرات. والمصادرة لا تكون إلا بحكم قضائي، وهي نزع أموال أو ملكية عقار، جبراً، عن مالكه وإضافته إلى ملك الدولة من دون تعويض.
ويضاف إلى مصادرات الجوية والبلدية نوع جديد؛ في العام 2020 أصدرت محكمة الإرهاب أحكاماً غيابة بالإعدام بحق المئات من شبان البلدة، ممن سبق أن قتلوا قبل العام 2018 أثناء قتالهم في صفوف المعارضة المسلحة في معارك الغوطة الشرقية الأخيرة. السجلات المدنية كانت قد رفضت منح ذوي أولئك القتلى شهادات وفاة لهم، من دون تبيان الأسباب. مؤخراً، تم إبلاغ أولئك الأهالي، عبر المخاتير والشعب الحزبية، بأن أملاك من طالتهم أحكام الإعدام ستتم مصادرتها.