حتى أراضي المقيمين في مناطق النظام بحلب مطروحة للاستثمار في المزادات العلنية
يحاول حسن حماية أرض عائلته الزراعية، بعدما أدرجتها مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي في محافظة حلب، مؤخراً، في جداول الأراضي المطروحة للاستثمار في المزادات العلنية في ريف حلب الجنوبي الغربي. وهذه الأراضي بحسب المديرية شاغرة، تعود لمن تصفهم بالغائبين، من النازحين والمُهجرين قسراً عن ريف إدلب إلى مناطق المعارضة شمال غربي سوريا.
قوات النظام كانت قد فرضت سيطرتها العسكرية على المنطقة المحاذية لطريق دمشق-حلب في ريف حلب الجنوبي الغربي وصولاً إلى ريف إدلب الجنوبي، منذ العام 2020. وتشتهر المنطقة بالزراعة البعلية للحبوب كالقمح والشعير والعدس، والزراعة المروية بمياه الآبار كالقطن والخضروات. مصادر محلية قالت لمراسل سيريا ريبورت، إن الأراضي المعروضة للاستثمار في ريف حلب الجنوبي الغربي، تقع بالقرب من طريق حلب-دمشق M-5 الدولي، وتتبع إدارياً لقرى وبلدات كفر حلب، الكسيبية، البوابية، جب كاس وعرادة.
مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي الواقعة في حي الجميلية بمدينة حلب، نشرت مطلع أيلول الحاليّ، جدولاً بأراضي الغائبين عن منطقة ريف حلب الجنوبي الغربي، تمهيداً لطرحها للاستثمار في المزادات العلنية، ومنها أرض عائلة حسن. مصادر سيريا ريبورت أكدت أنه تم إدراج جميع الأراضي في بعض تلك القرى والبلدات في المزادات العلنية المقبلة، رغم أن كثيراً من أصحابها ليسوا غائبين بل يعيشون في مناطق سيطرة النظام. ويجب هنا التوضيح بأن بعض القرى كالبوابية والكسيبية ما زالت تعتبر عسكرية ولا تسمح قوات النظام للنازحين بالعودة إليها.
حسن مقيم في مدينة حلب الواقعة تحت سيطرة النظام، وكان قد زرع الأرض في الموسم الماضي، عبر وسطاء من ميليشيا الدفاع الوطني الموالية للنظام والمسيطرة على ريف حلب الجنوبي. حسن تفاجأ مؤخراً بإدراج أرض العائلة، ومساحتها 6 هكتارات، في جدول الأراضي المعروضة للاستثمار بالمزاد العلني، وفقاً لما قاله لمراسل سيريا ريبورت في المنطقة.
إدراج أرض العائلة في المزاد للاستثمار، جاء بعد وفاة والد حسن العام الماضي. فالأرض ما زالت مسجلة باسم والد حسن في السجل العقاري، ما يعني أنها مملوكة حالياً على الشيوع بين الورثة، وليست مفروزة بعد. ولإفراز العقار، أي تقسيمه بين الورثة، يجب إجراء معاملة حصر إرث شرعي، تبيّن حصة كل من الورثة في الأرض. حسن أوضح لمراسل سيريا ريبورت، أنه وأخوته، راجعوا مديرية الزراعة، فطلب منهم أحد الموظفين إبراز وثيقة حصر إرث، تخولهم استثمار الأرض من دون دخول المزاد، بوصفهم أقارب من الدرجة الأولى.
وثيقة حصر الإرث تخصّ من ثبتت وفاته حقيقةً أو حكماً، وفقاً لما أقره قانون الأحوال الشخصية 59 لعام 1953 وتعليماته التنفيذية. وثيقة حصر الإرث، هي وثيقة قانونية بهدف تحديد ومعرفة ورثة المتوفى المستحقين للميراث ودرجة قرابتهم من المتوفى
وكان مجلس الوزراء قد سمح في قراره رقم 12011 الصادر في تشرين الأول 2022، لأبناء الأسرة الواحدة من الدرجة الأولى من القرابة، باستثمار أراضي أقاربهم الشاغرة التي سيتم عرضها للاستثمار الزراعي من دون الدخول بالمزادات العلنية. واشترط المجلس في قراره، المستند بدوره إلى كتاب وزارة الزراعة رقم 291 الصادر في أيلول 2022، على أصحاب الدرجة الأولى من القرابة، وهم الأب والأم والبنت والابن، الإعلان عن العقارات التي تخص أقاربهم والتي يرغبون باستثمارها قبل 15 يوماً من موعد إجراء المزادات العلنية.
وبالفعل، مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي في حلب، أعلنت قبل أيام عن مواقيت عقد المزادات الخاصة بالأقارب للأراضي المعروضة للاستثمار في ريف حلب الجنوبي الغربي، وفقاً لما أكدته مصادر محلية لسيريا ريبورت. المديرية أعطت مهلة حتى 5 تشرين الأول 2023، لتقدم الراغبين باستثمار أراضي أقاربهم بالوثائق اللازمة لدخول مزادات الأقارب.
قصة أخرى حدثت مع هدى، التي تحاول وقف عرض أرض عمها، والد زوجها المريض، في المزاد العلني. مطلع أيلول، توجهت هدى، إلى مديرية الزراعة بمدينة حلب، بغرض استخراج ورقة تسمى “لا مانع”، لإزالة الأرض من جدول الأراضي المطروحة للاستثمار في ريف حلب الجنوبي الغربي. وتمنح المديرية هذه الموافقة إذا لم يكن اسم صاحب الأرض مدرجاً في لوائح المطلوبين التي تعممها أجهزة الأمن على المديريات والمؤسسات. وتسمح هذه الورقة لصاحب الأرض بزراعة الأرض أو تأجيرها، والغاية منها هي حصر أملاك الغائبين فعلياً عن المنطقة، أو المهجرين خارج مناطق سيطرة النظام.
عمّ هدى، مقيم أيضاً في مناطق سيطرة النظام، لكنه مريض وليس بإمكانه الحضور شخصياً. كان بحوزة هدى أثناء زيارتها لمديرية الزراعة، بيان قيد عقاري يفيد بملكية عمها للأرض البالغة مساحتها هكتارين ونصف، وصورة عن هويته. الموظف في المديرية، رفض إعطاء هدى ورقة “لا مانع”، مؤكداً لها ضرورة حضور صاحب الأرض حصرياً، وبحوزته ما يثبت ملكيته للأرض وإثبات عن شخصيته. وبعد طول جدال، وافق الموظف في مديرية الزراعة، على الاكتفاء بحضور أحد أبناء مالك الأرض أو زوجته.