جوبر: مقتل نابشي أنقاض بانهيار مبنى
قُتِلَ أربعة أشخاص، بينهم طفل وامرأة، بعد انهيار سقف مبنى متصدع فوقهم، في حي جوبر الدمشقي.
وكان أولئك الأشخاص يعملون نبش الأنقاض، أي جمع المواد القابلة للبيع أو لإعادة التدوير من الأنقاض، ويشمل ذلك المعادن والأخشاب والبلاستيك والسيراميك وغيرها. وليس واضحاً إن كان عملهم في نبش الأنقاض قد تسبب بانهيار السقف عليهم. إذ يقوم النباشون باستخدام مطارق ثقيلة لسحب الحديد من البيتون، أو لتفتيت كتل الأنقاض الكبيرة للبحث تحتها. وقد بقي الأربعة، تحت الأنقاض لمدة قبل أن ينتشل جثثهم عناصر أحد الحواجز الأمنية في المنطقة، بحسب ما نشره موقع صوت العاصمة المُعارض.
ومنطقة جوبر مغلقة بالحواجز الأمنية والعسكرية، منذ سيطرت عليها قوات النظام في العام 2018، ما يمنع عودة الأهالي إليها بمن فيهم أصحاب العقارات. ولكن، تسمح الحواجز للنباشين بدخول المنطقة والعمل بين الأنقاض، وذلك لقاء نسبة من أرباحهم.
وفي الأصل، فإن جوبر تابعة لغوطة دمشق الشرقية، وكانت عبارة عن قرية صغيرة تحيط بها أراضي زراعية واسعة، مثلها مثل القابون وبرزة. وقد تم ضم جوبر إلى العاصمة في العام 1968، كمنطقة توسع وفق المخطط التنظيمي لدمشق الذي أنجزه المعماري الفرنسي ميشيل إيكوشار. ومع الوقت تحول حي جوبر إلى امتداد للعاصمة دمشق ومدخلاً لها إلى غوطتها الشرقية. ويفصل المتحلق الجنوبي بين جوبر من جهة، وبين زملكا وعين ترما من جهة أخرى في الغوطة الشرقية.
خلال السبعينيات شهدت جوبر توسعاً عمرانياً كبيراً جاء على قسم كبير من أراضيها الزراعية. ولم تساهم عملية تصنيف ما تبقى من أراضي جوبر بالزراعية يمنع البناء عليها إلا إلى ظهور مناطق مخالفات جماعية. إذ أن العشوائيات هي مناطق المخالفات الجماعية المبنية على أملاك عامة أو أراض زراعية لا يسمح بالبناء عليها. بعد العام 2000 شهدت جوبر توسعاً عمرانياً جديداً ضمن البلدة القديمة، مع سماح محافظة دمشق لترخيص البناء في بعض المواقع فيها.
خرجت جوبر عن سيطرة قوات النظام، ما بين العامين 2012-2018، وشكّلت خط دفاع أول عن المعارضة في الغوطة الشرقية. وقد شهد الحي إقامة المعارضة لتحصينات هندسية دفاعية كثيرة، أبرزها الخنادق والأنفاق. وظل المعارضة المتحصنة في الحي قادرة على تشكيل تهديد حقيقي لسيطرة النظام على دمشق، بسبب قرب خطوط الاشتباك من ساحة العباسيين ومن حي باب توما. وشهدت جوبر خلال تلك المرحلة معارك عنيفة للغاية، وتعرضت لقصف جوي خلف دماراً واسعاً في عمرانها.
وبعد خضوع المعارضة في الغوطة الشرقية للتهجير القسري إلى الشمال السوري، بعد الحملة العسكرية الأخيرة لقوات النظام مطلع العام 2018، كانت جوبر من آخر المناطق التي سلمتها المعارضة. ومنذ ذلك التاريخ تمنع قوات النظام الدخول إليها، بالتزامن مع استمرار عمليات هدم وإزالة الأنقاض على نطاق منخفض فيها.
في أيلول 2021، وافق مجلس محافظة دمشق على تعديل الصفة العمرانية لمنطقة جوبر العقارية وبعض المناطق المحيطة بها، من حماية وزراعة وتوسع سكني، إلى مناطق قيد التنظيم. وليس واضحاً وحمل هذا التعديل اسم المخطط التنظيمي التفصيلي رقم 106، وهو يشمل مناطق عقارية من كل من القابون وعربين وزملكا وجوبر وعين ترما ومسجد أقصاب. وتطلق محافظة دمشق على هذه المنطقة اسم: المناطق المتداخلة بين مدينة دمشق وريفها.
ويحمل ذلك الإعلان بعض الغموض، إذ لا يصدر المخطط التنظيمي التفصيلي إلا بعد صدور المخطط التنظيمي العام. وبحسب تصريحات أخرى لمسؤولين في محافظة دمشق، فإن ما تم إنجازه هو المصور العام لجوبر، وهي خطوة تسبق إصدار المخطط التنظيمي العام.
في كل الأحوال، من المنتظر أن تكون الخطوة المقبلة هي إصدار المخطط التنظيمي الجديد لجوبر. وبحسب مسؤولين في محافظة دمشق، فإن المخطط الجديد لجوبر سيراعي السلامة الإنشائية للمباني غير المتضررة والقابلة للإصلاح، فيما ستخضع المباني المتضررة إلى الإزالة.