جهود الأردن في مكافحة التهريب تتسبب بنزوح الأهالي من قرية حدودية سورية
تتسبب عمليات التهريب بتوتير الأوضاع الأمنية في المناطق المأهولة على الحدود السورية-الأردنية، ما بات ينعكس بشكل مباشر على حقوق السكن والأرض والملكية.
وقد تضررت بعض المنازل والسيارات في قرية خربة عواد الحدودية جنوبي محافظة السويداء، جراء إطلاق نار من حرس الحدود الأردني، في 3 كانون الأول. ويبدو أن الحرس الأردني قد اشتبه بعملية تهريب عبر الحدود، فقام باستهداف قطيع من الأغنام ما تسبب بمقتل العديد منها. الحادثة ليست الأولى من نوعها، ولكنها تسببت بغضب القرويين الذين تجمعوا قرب الحدود، وتلاسنوا مع الحرس الأردني. مراسل سيريا ريبورت في المنطقة نقل عن الأهالي قولهم إن قطيع الأغنام كان على مسافة 500 متر من المنطقة المحرمة، وتم استهدافه ضمن أراضي القرية المسموح بالرعي فيها. الأهالي أكدو أن الرصاص اخترق جدران بعض المنازل، وهدد حياة مزارعين كانوا يقطفون الزيتون في حقولهم القريبة من الحدود.
الأهالي الغاضبون اجتمعوا في منزل مختار القرية، حيث حضرت دورية من المخابرات العسكرية السورية. وتعهد أحد ضباط الدورية بنقل مطالبهم إلى السلطات السورية، والتواصل مع السلطات الأردنية عبر ضباط الارتباط للتنسيق حول الحادثة. وقد طالب الأهالي مراراً المسؤولين السوريين بالتنسيق مع الجانب الأردني بغرض تحديد أوقات معينة يسمح للمواشي بالرعي فيها، من دون فائدة.
وكانت المملكة الأردنية قد أعلنت حدودها مع سوريا منطقة عسكرية مغلقة منذ العام 2016. ومنذ ذلك الحين، زاد حرس الحدود الأردني عمليات التمشيط وإطلاق النار عند الاشتباه بأي محاولة تسلل قرب السواتر الحدودية. وتعد المنطقة مسرحاً لعمليات تهريب المخدرات والمواشي.
ويزداد نشاط التهريب عادة خلال فصل الشتاء، حيث يستغل المهربون انتشار الضباب لتهريب المخدرات، وأحياناً قطعان المواشي. ويتعامل حرس الحدود الأردني بصرامة مع أي اختراق للحدود الشمالية. في شباط 2021 قُتِلَ أحد المهربين من أبناء البلدة برصاص حرس الحدود الأردني. كذلك، قُتِل 7 مهربين في المنطقة الحدودية جنوب السويداء منذ مطلع العام 2020، وغالبيتهم من عشائر البدو. وغالباً ما يغض حرس الحدود السوري النظر عن المهربين مقابل حصة من أرباحهم.
مصدر أهلي مطلع أكد أن أصحاب المنازل المواجهة للحدود في قرية خربة عواد قد غادروها خلال السنوات الماضية، بسبب خطورة الإقامة فيها، وتضررها من إطلاق النار المباشر بسبب استهداف حرس الحدود الأردني المتكرر لجماعات التهريب. وغالباً ما يستخدم الحرس الأردني ذخيرة متفجرة تصل إلى أطراف القرية البعيدة، وأحياناً تطال قريتي المغير والعانات المجاورتين.
وتعتبر قرية خربة عواد أكثر القرى المتضررة جنوبي السويداء، كونها المنطقة المأهولة الأقرب إلى خط الحدود. أحد سكان القرية قال لمراسل سيريا ريبورت، إن الأهالي يتعرضون لمضايقات متواصلة، ولا يسمح حرس الحدود الأردني للرعاة بالرعي ضمن أراضي القرية القريبة من الحدود. وقد غادر الكثير من رعاة المواشي والفلاحين القرية بعدما فقدوا قدرة الوصول إلى مصادر رزقهم.
بحسب مصادر أهلية، لا يتجاوز عدد المقيمين حالياً في خربة عواد سوى 600 نسمة من أصل 2500 نسمة كانوا يقطنونها قبل العام 2011. وأغلبية الأهالي انتقلوا إلى مدينتي السويداء وصلخد، فضلاً عن العشرات الذين هاجروا خارج سوريا. ويضاف إلى الخوف من إطلاق النار المباشر، فأن معظم الأهالي وهم من المزارعين ورعاة الماشية، قد واجهوا تحديات أبرزها تعطل بئر المياه الوحيد المخصص للتنمية الزراعية. هذا، بالإضافة إلى تقلص مساحات الأراضي المخصصة للزراعة والرعي كون قسم كبير من أراضي القرية يقع ضمن الأراضي الأردنية التي بات الوصول إليها بعد العام 2016 أمراً مستحيلاً.