جنوبي إدلب: من يُعفّشُ منازل النازحين؟
نشطت مؤخراً عمليات التعفيش لعقارات النازحين عن مناطق المعارضة المحاذية لخطوط التماس أقصى جنوبي إدلب. والملفت أن من يقوم بمعظم تلك السرقات، في مناطق تعتبر تحت سيطرة حكومة الانقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام، هي عصابات محلية، أو الأهالي أنفسهم.
مراسل سيريا ريبورت في المنطقة، وصف ما يحدث في قرى كفرعويد وسفوهن والفطيرة بأنه مماثل لعمليات التعفيش التي كانت تشهدها مناطق المعارضة على يد قوات النظام. إذ أن أغلب منازل تلك القرى غدت بلا أبواب وشبابيك، وسحبت منها أسلاك الكهرباء النحاسية. وتستغل عصابات التعفيش المحلية، خلو تلك المناطق من سكانها ونزوحهم عنها منذ المعارك الأخيرة مطلع العام 2020. وبات جزء كبير من الأهالي يخشى زيارة المنطقة خوفاً من القنص والقصف، وغالباً ما تقتصر العودة على زيارات سريعة للفلاحين لأراضيهم الزراعية في المواسم.
وكثيراً ما تم إلقاء القبض على بعض أفراد تلك العصابات أثناء تعفيشهم منازل المدنيين، الذين يحالون للمحاكمة أمام محاكم وزارة العدل التابعة لحكومة الإنقاذ في إدلب، في حال وجود ادعاءات شخصية ضدهم. إلا أنه غالباً ما تنتهي أغلب عمليات التوقيف، بإسقاط المدعي لحقه الشخصي بعد التصالح مع السارق خارج المحكمة. في معظم الحالات، فرضت المحاكم على الموقوفين، مقابل الحق العام، مبلغاً قد يصل إلى 1000 دولار بحسب عدد السرقات المثبتة، بدلاً من عقوبة السجن.
عمليات التعفيش دفعت ببعض النازحين من أصحاب المنازل المدمرة كلياً أو جزئياً، إلى سحب أنقاض منازلهم، خاصة حديد التسليح، بغرض استخدامه في بناء منازلهم الجديدة في مناطق نزوحهم شمالي إدلب، أو بيعه خشية تعفيشه. ويتم ذلك عن طريق ورش خاصة تعمل مقابل الحصول على نصف كمية الحديد المسحوبة. ويبلغ ثمن الطن الواحد من الحديد المعاد تأهيله، ما يقارب 550 دولاراً. وسجّلت حالات، يبيع فيها أصحاب المنازل المدمرة، البلاطة المدمرة بشكل تقديري لهذه الورش. على سبيل المثال باع أحد المدنيين من قرية كفرعويد سطح منزله الذي تبلغ مساحته ما يقارب 150 متراً مربعاً، بمبلغ 150 دولار.
ولا يقتصر الأمر على هذا الحد؛ مع استمرار النزوح إلى المخيمات شمالي إدلب، بدأ النازحون بالبحث عن الاستقرار تحت سقوف بيتونية بدلاً من العوازل البلاستيكية. ولذا، اتفق بعض النازحين مع ورشات خاصة لسحب الحديد من منازلهم المدمرة غير القابلة للترميم، واستخدام الحديد المسحوب منها في بناء منازل في المخيمات. ويبلغ سعر الطن الواحد من الحديد الجديد يصل إلى 700 دولار.
وعدا عن التصعيد العسكري الأخير لقوات النظام وروسيا على خطوط التماس في إدلب، فإن عمليات التعفيش تزيد من عدم إمكانية عودة النازحين في المدى المنظور الى قراهم وبلداتهم، حتى وإن كانت واقعة ضمن مناطق سيطرة المعارضة.