توسيع مخطط مدينة التل التنظيمي
بعد عشرات السنين على إطلاقها، تبدو عملية توسيع المخطط التنظيمي لمدينة التل بريف دمشق، وقد اقتربت من نهايتها. ولكن، لم تخلُ عملية التوسيع من تأثيرات سلبية على حقوق السكن، الأرض والملكية.
تبلغ مساحة توسعة المخطط حوالي 500 هكتار، وهي بذلك تعادل تقريباً المساحة الحالية لمدينة التل. وعدد المقاسم في منطقة التوسع 3081 مقسماً معداً للبناء. ويمتد التوسع بشكل رئيسي شمال غربي مدينة التل، وأيضاً في منطقتين صغيرتين جنوبي وغربي المدينة.
ومدينة التل هي مركز منطقة تتبع إدارياً لريف دمشق، وكان يقطنها حوالي 150 ألفاً قبل العام 2011، في حين يُقدر عدد سكانها حالياً بنحو 300 ألف، نسبة كبيرة منهم من النازحين داخلياً.
والأراضي التي شملها التوسّع تم تنظيمها وفق مبدأ التوزيع الإجباري؛ أي إعادة توزيع الأراضي على أصحاب الحقوق، وغالباً في غير مواقعها الأصلية. إذ لا يحق لأصحاب الحقوق في منطقة التنظيم، اختيار مواقع مقاسمهم الجديدة. كذلك، يجري التوزيع الاجباري بعد اقتطاع الوحدة الإدارية مجاناً من الأملاك الخاصة، مقابل ما سيحصل عليه مالك العقار من منفعة نتيجة دخول عقاره منطقة التنظيم. وقد تمّ ذكر مبدأ التوزيع الإجباري في كثير من قوانين التخطيط والتنظيم والاستملاك.
مجلس مدينة التل، أعلن في 23 شباط، عن انتهاء عمل لجنة التوزيع الإجباري للعقارات الواقعة ضمن توسع المخطط التنظيمي للمدينة وفق قانون التخطيط وعمران المدن رقم 23 لعام 2015. ولجنة التوزيع الإجباري، بحسب القانون 23، يتم تشكيلها بقرار من وزير العدل بناء على طلب الجهة الإدارية، ويرأسها قاضٍ برتبة مستشار. وتقوم اللجنة، بتخمين قيمة كل مقسم من مقاسم المنطقة المحددة على مخططها التنظيمي. وبحسب القانون 23\2015، فالمنطقة التنظيمية شخصية اعتبارية تحل محل جميع المالكين وأصحاب الحقوق فيها، وتنتهي أعمال التنظيم فيها بتوزيع أملاكها على أصحاب الحقوق وفقاً لحصصهم فيها.
مجلس مدينة التل أرفق إعلانه، بجداول تتضمن أسماء المالكين، وأرقام مقاسمهم الجديدة، ومساحاتها، ومخطط لتوزيع المقاسم. وكذلك، صدرت القيم التخمينية للمقاسم التنظيمية في منطقة التوسع. وشهدت تلك القيم، المعطاة للمتر المربع، فروقاً واسعة، إذ سجل الحد الأدنى لها 200 ألف ليرة، بينما الأعلى وصل إلى 573 ألف ليرة. وتبدو المناطق الأكثر قرباً من مركز مدينة التل هي الأعلى سعراً، فيما تتراجع القيم مع الابتعاد عن المركز.
وأعطى المجلس أصحاب الحقوق مهلة شهر واحد لتقديم اعتراضاتهم.
وتعود قضية توسيع مخطط مدينة التل التنظيمي إلى العام 1995، ولكنها ارتبطت دوماً بقضية التوزيع الإجباري للعقارات الواقعة ضمن التوسع. وواجهت القضية مشاكل كبيرة تتعلق بعدم تطابق المخططات المساحية للمناطق الواقعة ضمن التوسع، مع مخططات منطقة التوزيع الإجباري، وأحيلت القضية إلى المصالح العقارية.
في العام 2018 أعلن مجلس مدينة التل بشكل استثنائي عن إصدار توسع المخطط التنظيمي، وفتح الباب للاعتراضات. والإعلان الاستثنائي يحصل عادة قبل الموعد الدوري لصدور المخططات. في العام 2020 صادق محافظ ريف دمشق على توسع المخطط التنظيمي لمدينة التل، وبقي فقط انتهاء أعمال لجنة التوزيع الإجباري.
في كانون الثاني 2022 انتهت عملية تقييم المقاسم الناتجة عن التنظيم في توسع مدينة التل، وبدأت بعدها لجنة التوزيع الإجباري عملها لتحديد المقاسم البديلة لأصحاب الحقوق، ومواقعها الجديدة.
وفي شباط الماضي، أنجزت اللجنة أعمالها بشكل مفاجئ وسريع للغاية. وشاب إعلان النتائج كثيراً من الاعتراضات التي رصدتها سيريا ريبورت في بعض وسائل التواصل الاجتماعي. ولم تتمكن سيريا ريبورت من تأكيد صحة هذه الاعتراضات، ولكن بعضها جدير بالذكر: أحد المعترضين قال إن عقاره الجديد يبعد عن موقع عقاره الأصلي مسافة 8 كيلومترات، وبات بعيداً جداً عن مركز المدينة، ما يعني انخفاض قيمته. في حين أن معترضاً آخر، قال إن مساحة عقاره الأصلي كانت 900 متر مربع، وكل ما ناله حالياً هو 290 متراً مربعاً. ويتوجب بحسب القانون 23\2015 ألا تتجاوز نسبة الاقتطاع المجاني من أي عقار 40% من المساحة. معترض آخر، قال إن التوزيع الإجباري تسبب بتشتيت ملكية العائلة، ونال كل فرد من العائلة حصته في موقع بعيد عن البقية.
من الملفت أن جميع المعترضين على توسعة مخطط التل التنظيمي، الذين رصدت سيريا ريبورت تعليقاتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، هم من الذكور. ويثير ذلك قلقاً حول مدى وصول النساء، من صاحبات الحقوق، إلى المخططات والجداول التي نُشِرَت في بهو مجلس مدينة التل. وأيضاً، حول معرفتهن بحقوقهن، وإمكانية الاعتراض المتاحة لهن، في حال عدم موافقتهن على نتائج عمل لجنة التوزيع الإجباري.
صورة لمخطط توسع مدينة التل.
المصدر: مجلس مدينة التل