توسيع حميميم: على حساب قرية الشراشير؟
وافقت الحكومة السورية على منح 8 هكتارات برية ومثلها من المياه البحرية، في محافظة اللاذقية، إلى روسيا، بهدف تأسيس ونشر منشآت تابعة لمركز للرعاية الصحية يتبع القوات الفضائية الجوية الروسية.
ونشرت البوابة الرسمية للمعلومات القانونية الروسية وثيقة وقعها ممثلون عن البلدين، وقعتها حكومة سوريا في 21 تموز، بعدما كانت قد أقرتها الحكومة الروسية في 30 حزيران، وجاء فيها إن “الجمهورية العربية السورية وافقت على نقل قطعة أرض ومساحة مائية في محافظة اللاذقية إلى روسيا”.
وجاء الاتفاق تحت اسم البروتوكول الأول الملحق باتفاق تنظيم الوجود العسكري للقوات الفضائية الجوية الروسية على أراضي الجمهورية العربية السورية المبرم بين الطرفين في 26 آب 2015. ومهّد ذلك الاتفاق رسمياً للتدخل العسكري الروسي المباشر في الحرب السورية.
ونص البند الثاني من البروتوكول، على أن هذا المنح مجاني، ولن يكون على روسيا تقديم أي تعويضات، كما أن هذا البروتوكول سارٍ ما دام الاتفاق الأساسي للوجود العسكري الروسي سارياً.
وبحسب البروتوكول، تبلغ مساحة الأرض الممنوحة 8 هكتارات ملاصقة لقاعدة حميميم والمنشآت التابعة لها، والتي تم تحديدها وفقاً لخريطة لم يتم نشرها. كما لم تنشر خريطة أخرى أشار إليها البروتوكول، وتحدد المساحة البحرية التي ستنتقل أيضاً للملكية روسيا، رغم الإشارة إلى مساحتها التي تبلغ أيضاً 8 هكتارات في المياه الإقليمية المحاذية للرصيف البحري للاذقية، وهي ستكون على شكل شريط بحري قرب اللاذقية بعمق يراوح بين 65 متراً و180 متراً.
ولا يتوجب، بحسب البروتوكول، على دمشق أن تدفع تكاليف تطوير البنى التحتية في هذه المنطقة بما في ذلك عمليات الإنشاء أو مد خطوط الكهرباء وكل العمليات الأخرى اللازمة للبناء أو تطوير المنطقة. ومن حق روسيا التعاقد مع جهات أو شخصيات أو شركات روسية أو سورية، للقيام بأعمال البناء والتطوير اللازمة.
صحيفة الشرق الأوسط الممولة من السعودية، أشارت إلى أن الملحق السري المرفق بالبروتوكول، والذي لم يتم نشره، جاء لتجنب إحراج حكومة الرئيس بشار الأسد، عبر ضمان سرية بعض التفاصيل. وينسحب ذلك، بحسب الصحيفة، على إضافة البروتوكول لفكرة إنشاء مركز طبي، إذ لم يكن هذا الموضوع مطروحاً عندما وضعت موسكو هذه الوثيقة في البداية.
ويبدو أن السلطات السورية قد لجأت إلى السرية وإضافة فكرة المركز الطبي، في محاول لتجنب الصدام مجدداً مع سكان المنطقة الجديدة الممنوحة للروس، والتي يرجح الظن بأنها ستكون استملاكاً إضافياً لأراضي قرية الشراشير العلوية التابعة إدارياً لمدينة جبلة الساحلية، والملاصقة لقاعدة حميميم “مطار الشهيد باسل الأسد”.
وكانت السلطات السورية قد أخلت في تشرين ثاني 2015 عشرات المنازل في قرية الشراشير، بشكل عاجل ومن دون إمهال السكان لتأمين سكن بديل، ومن دون تعويض مباشر، بحسب موقع العربية.نت. وجاء قرار الإخلاء استناداً إلى القرار رقم 343 الذي أصدره مجلس مدينة جبلة في 12 تشرين ثاني 2015، باستملاك 40 عقاراً أغلبها أراض زراعية فيها مساكن. واقترح حينها مجلس مدينة جبلة الاستملاك حسب كلفة السوق الرائجة بالنسبة لكتل البناء، وبالحد الأعلى للأسعار بالنسبة للعقارات. وليس واضحاً إذا ما تلقى الأهالي تعويضاً في مرحلة لاحقة على عقاراتهم المستملكة.
أهالي قرية الشراشير كانوا قد رفضوا عملية الاستملاك. وأشار الأهالي في كتاب وجوه إلى مؤسسة الطيران المدني، بلا تاريخ، أنه إذا كانت المشكلة متعلقة بحماية الطيران الحربي في القاعدة الجوية، فإن لا اعتراض لديهم على إزالة العوائق من أرضهم إذا خالفت المصلحة العامة وسلامة الطيران في مطار باسل الأسد الدولي. وأضاف الكتاب أنهم يرون في استملاك عقاراتهم ظلماً شديداً يلحق بأبناء القرية وسيؤدي حتماً إلى تهجير هؤلاء المواطنين دون إيجاد مسكن بديل لهم. وأضاف الكتاب أن القرية قدمت أكثر من مئة شهيد، ولذا يأمل أصحاب العقارات أن يكونوا حاضرين في أي دراسة أو كشف ميداني على أرض الواقع لتلافي أي ظلم وضرر قد يلحق بهم جراء الاستملاك.