تنازل نساء عن ملكياتهم تحت التهديد
لا يتردد بعض الأزواج عن التهديد باستخدام السلاح لإجبار نسائهن على التنازل عن عقارات يملكنها. ويساهم بذلك انتشار السلاح العشوائي، وضعف وسائل الردع والحماية المتاحة للنساء.
خلود امرأة في منتصف العقد الخامس من عمرها، من ريف طرطوس. زوجها رياض، متطوع في ميليشيا الدفاع الوطني الموالية للنظام. منذ أول زواجهما قبل عشرين عاماً، اكتشف رياض بأنه غير قادر على الإنجاب. ومع ذلك، أصرت خلود على البقاء معه. وفي بادرة امتنان لها، سجّل رياض المنزل الذي يعيشان فيها باسم خلود، بشكل رسمي في السجلات العقارية. ولكن، مع الوقت، تطورت المشاكل بين الزوجين، ونتج عنها عنف منزلي. وأخذ رياض بضرب خلود بشكل متواصل. الزوجة المعنّفة، تقدمت بدعوى للطلاق أمام المحكمة، لكن ذلك عرّض حياتها وحياة أهلها للخطر .
إذ بدأ رياض بمطالبة خلود بإعادة المنزل لكي يوافق على الطلاق. وعندما لم توافق خلود على طلبه، هددها مستخدما سلاحه الفردي. وبعد أيام، تعرّض منزل أهل خلود لإطلاق نار من قبل مسلحين مجهولي الهوية. وفي ذات الليلة، طرق مسلحون باب منزل خلود، بينما كان زوجها غائباً. وقال لها أحدهم، أنه من الأفضل لها تنفيذ رغبة زوجها، وإلا فإنها ستندم.
تقول خلود لمراسلة سيريا ريبورت في المنطقة: “وكأنني في الصحراء، لا وجود لجيران، ولا لشرطة، ولا لأي دليل على وجود الدولة”. إذ تنحدر خلود من عائلة بسيطة، ولا أقارب لها من ذوي المناصب الرفيعة في الأمن أو الجيش يمكن لها اللجوء إليهم للدفاع عنها. بينما شبكة علاقات زوجها الأمنية تتيح له التصرف بحرية بمعزل عن وجود مؤسسات الدولة.
ويشعر السكان في عموم مناطق سيطرة النظام بعدم الأمان بسبب انتشار السلاح العشوائي خاصة بين منتسبي الأجهزة الأمنية والميليشيات الموالية. إذ يمكن لخلاف بسيط أن يتطور إلى إطلاق نار ووقوع ضحايا. ويلجأ كثير من أولئك المسلحين إلى سلاحهم، تهديداً أو باستخدامه فعلياً، لحل مختلف أنواع المشاكل الحياتية. وأمام هذه الوقائع، أقنع أهل خلود ابنتهم بالتنازل عن المنزل لزوجها، لضمان حياتها وحياتهم. وقامت خلود بوهب المنزل لزوجها، مقابل حصولها على الطلاق.
على العكس من قصة خلود، تبدو قصة حسنة أفضل نسبياً بسبب عدم تنازلها عن بيتها لزوجها. وحسنة امرأة في الخامسة والثلاثين من عمرها، تنحدر وزوجها رضوان من الساحل أيضاً. الزوج منتسب للمخابرات الجوية، ويعمل في أحد المطارات المدنية السورية. وبسبب سيطرة المخابرات الجوية على أمن المطارات، راكم رضوان ثروة كبيرة عبر استخدام سلطته، واستثمر جزءاً من تلك الأموال في شراء العقارات.
حسنة كوافيرة نسائية، وقد تمكنت بجهدها وتعبها خلال السنوات الـ15 من زواجها، من جمع بعض المال وتأمين دفعة أولى لشراء منزل بسيط، أكملت ثمنه بقرض من أحد المصارف الرسمية.
لكن، حدّة الخلافات تصاعدت بين رضوان وحسنة. ومن بعدها، هدد رضوان حسنة مراراً باستخدام مختلف أنواع الأسلحة والسكاكين، مطالباً إياها بالتنازل عن منزلها في التضامن. في إحدى المرات هددها باستخدام مسدسه الحربي، ولحق بها عندما هربت مستجيرة بالجيران. مرّة أخرى، أيقظها والمسدس موجه إلى رأسها .
حسنة رفعت دعوى أمام القضاء ضد رضوان، وتمكنت بحكم قرابتها من مسؤول رفيع في الدولة، من تسريع إجراءات المحكمة والحصول على حكم بالطلاق، وتعهد مكتوب من رضوان بعدم الاقتراب منها مجدداً تحت طائلة المحاسبة. ومع ذلك، ظلّت حسنة خائفة، وباعت منزلها، وانتقلت لمنطقة أخرى.