تسويات درعا الأخيرة: الإكراه على الدفع أو تدمير الملكيات
ترافقت عمليات التسوية الأخيرة في بلدة ناحتة بريف درعا الشرقي، مع انتهاكات لحقوق السكن، الأرض والملكية. إذ أحرقت قوات النظام منزلين وفجّرت منزلاً واحداً، بعدما عفّشت محتوياتها.
وجرى الإحراق والتفجير بإشراف ضابط من فرع المخابرات الجوية في درعا، وأمام جمع من الأهالي. الضابط برر ذلك بأن أصحاب تلك المنازل من المطلوبين أمنياً، وقد رفضوا تسليم أسلحتهم وإجراء تسوية وضع جديدة.
وكانت بلدات وقرى محافظة درعا قد شهدت مؤخراً سلسلة من عمليات التسوية الجديدة، أعقبت تصعيداً عسكرياً لقوات النظام نهاية أيلول الماضي. وكاد التصعيد أن يتسبب بانهيار اتفاق المصالحة المعقود في الجنوب السوري بين قوات النظام والمعارضة بإشراف روسي منتصف العام 2018.
وتنص التسويات الجديدة على قيام من وردت اسمائهم في لوائح قدمتها الأجهزة الأمنية، بعملية “تسوية وضع أمنية”. وجرت تسوية الوضع للمطلوبين، بصورة شكلية، تضمنت استجواباً قصيراً مع ضباط من الأجهزة الأمنية في درعا. كما اقتضت التسوية تسليم الأهالي لأعداد من الأسلحة الفردية. وتلك الأعداد محددة سلفاً على كل منطقة، وتخضع لتقديرات أمنية، لا بناء على معلومات موثوقة عن انتشار السلاح. وفي التطبيق، يمكن لأي منطقة دفع مبالغ مالية لقاء الإبقاء على السلاح، أو لعدم وجود السلاح بالأصل لديها. ولذلك، يبدو أن الهدف من شرط تسليم الأسلحة هو الجباية المالية، لا سحب الأسلحة من التداول.
وقد شهدت بعض المناطق امتناع الأهالي عن تسليم السلاح أو رفض بعض الشباب القيام بالتسوية الأمنية، ما استدعى حصار قوات النظام لتلك المناطق، وأحياناً تعريضها لقصف عشوائي. في الحالة الوحيدة التي استمر فيها رفض بعض الشباب إجراء التسوية الأمنية، أقدمت قوات النظام على هدم بيوتهم كما حدث في بلدة ناحتة. وقد خسرت ثلاث عائلات ممتلكاتها؛ وتوزعت عائلاتان منها على منازل الأقارب في البلدة، بينما اضطرت عائلة منها للنزوح والبحث عن منزل في قرية مجاورة.
واعتبر بعض الأهالي الذين تحدثوا لمراسل سيريا ريبورت في المنطقة، أن عملية الإحراق والتفجير جاءت لإرهاب السكان واجبار المطلوبين على تسليم أسلحتهم وتسوية أوضاعهم، وذلك بعد ما واجهته قوات النظام من عقبات في تنفيذ التسويات في بعض قرى ريف درعا الشرقي. إذ انعكست نتائج التفجير على تسريع التسويات وجمع الأموال والأسلحة في بقية مناطق الريف الشرقي.
وقد دفعت خشية الأهالي من تكرار ما حدث في ناحتة للتواصل مع أقاربهم المغتربين والمهجرين خارج سوريا، لجمع الأموال وتسليمها لقوات النظام أو شراء الأسلحة المطلوبة وتسليمها. مراسل سيريا ريبورت أكد أن أهالي بلدة نوى دفعوا 100 مليون ليرة، وسلموا 50 بندقية آلية، وكذلك فعل أهالي مدينة جاسم الذين دفعوا قرابة 100 مليون ليرة وسلموا 165 بندقية.