ترحيل الأنقاض في مناطق المعارضة
مؤخراً، أطلقت منظمات غير حكومية أخرى عاملة في مناطق سيطرة حكومة الإنقاذ في إدلب والحكومة المؤقتة في حلب، مشاريع لإزالة الأنقاض. في معظم تلك المشاريع، يبرز الحرص على توثيق ملكية الأنقاض، وحق أصحابها بالمقتنيات المطمورة تحتها، والانتفاع من إعادة تدوير الأنقاض. لكن، يغيب عن تلك المقاربات بشكل واضح حقوق أصحاب المساكن المنهارة، في الملكية والسكن. إذ لم تتضمن أي من تلك المشاريع توضيحاً بأن الأنقاض هي الدليل الأخير على ملكية أصحابها لمساكنهم المنهارة، ولا مصير الممتلكات الأصلية والحيازات التي قامت عليها.
أبرز المشاريع هي خطة عمل شاملة لترحيل الأنقاض من المناطق المنكوبة في شمال غرب سوريا، أعلنتها مؤسسة الدفاع المدني “الخوذ البيضاء”، في 9 آذار. وتهدف الخطة إلى ما وصفته بتعزيز تعافي المجتمعات المتضررة من آثار زلزال 6 شباط بسرعة. ومجال تطبيق الخطة هي النواحي التالية؛ حارم، سلقين، جنديرس، الأتارب، الدانا، جسر الشغور، دركوش، اخترين وصوران، باعتبارها أكبر التجمعات السكانية المتضررة. وستوزع الدفاع المدني فرقها على هذه النواحي، وتخصص لها الموارد البشرية والآليات لترحيل الأنقاض.
مصدر إعلامي في الدفاع المدني قال لسيريا ريبورت، إنه من المتوقع أن تتواصل عملية إزالة الأنقاض ما بين 3-4 شهور، وذلك يعتمد على مدى التزام المجالس المحلية بالحصول على موافقة أصحاب العقارات المنهارة لترحيل أنقاضها. المجالس المحلية ستتحقق من ادعاءات الملكيات، وتقارنها بالمستندات الرسمية الصادرة عن الدوائر العقارية، وكذلك عقود الإيجار الموثقة لدى المجالس المحلية وعند المخاتير. وستعمل فرق هندسية وفنية تابعة للمجالس المحلية، وللدفاع المدني، لتوثيق ترحيل الأنقاض وفق محاضر رسمية.
وبحسب المصدر، في البداية ستجري عملية عزل الأنقاض وفرزها بشكل أولي في موقع الانهيار، وسيتم تسليم الموجودات تحت الأنقاض لأصحابها. بعد ذلك، ستجري عملية ترحيل الأنقاض إلى مواقع تجميع مخصصة ضمن كل منطقة منكوبة على حدا، وفق لوائح معدة سلفاً. وسيجري توثيق كل تلك العمليات من قبل فرق الدفاع المدني. بعد ذلك، سيتم نقل الأنقاض إلى مواقع خارج المدن والبلدات، لم يتم تحديدها بعد، للتخلص النهائي منها عبر تدويرها، بالتنسيق مع المجالس المحلية، لتحديد مواقع استخدامها مجدداً في تأهيل الطرقات وفرش الساحات العامة وغيرها. وستشارك جهات هندسية من وزارات الإدارة المحلية التابعة لحكومة الإنقاذ والحكومة المؤقتة، ونقابة المهندسين، في مناقشة آلية إعادة التدوير المثلى، بحيث تحقق الاستثمار الأفضل اقتصادياً وبيئياً.
كما تشمل الخطة إزالة الأبنية الآيلة للسقوط، بعد التأكد من عدم إمكانية ترميمها بحسب تقارير هندسية تصدرها لجان مختصة للتأكد من الأضرار، وموافقة المجلس المحلي المعني وأصحاب العقار. في مناطق سيطرة حكومة الإنقاذ، تواصل 25 لجنة هندسية تابعة لوزارة الإدارة المحلية والخدمات، الكشوف الهندسية على العقارات المتضررة.
حتى 6 أذار، كشفت اللجان عن 2603 مسكناً، تبيّن أن 616 منها سليمة انشائياً، 962 بناء بحاجة الى ترميم، 546 بناء بحاجة الى تدعيم على مستوى الأساسات ويجب إخلاؤها، 261 بناء بحاجة الى إزالة جزئية، 211 بناء بحاجة الى إزالة بشكل كلي.
جنديرس
تعرضت بلدة جنديرس التابعة لمنطقة عفرين في ريف حلب الشمالي الغربي والخاضعة لسيطرة الحكومة السورية المؤقتة المعارضة، لدمار شبه كامل، في زلزال 6 شباط 2023. وبحسب آخر إحصائية بأضرار الزلزال، صادرة عن مجلس جنديرس المحلي في 24 شباط، فقد انهار بشكل كامل 278 بناء، وحدثت انهيارات جزئية وتصدعات في 1100 بناء آخر. وتسبب الزلزال بمقتل حوالي 800 شخص.
وقد تقدّم بعض أصحاب العقارات بطلبات للمجلس المحلي في جنديرس، لنقل ركام منازلهم، على مسؤوليتهم ونفتهم الخاصة، إلى أراضي خاصة يملكونها في مواقع أخرى. إذ يمكن لهؤلاء إعادة استخدام الأنقاض في بناء مساكن جديدة أو لنصب الخيام، أو لاعتبارات خاصة.
بعد ذلك، فرض مجلس جنديرس، على أصحاب الأبنية المنهارة كلياً والمستأجرين فيها، تقديم طلبات لترحيل أنقاض أبنيتهم، حتى 10 آذار لدى ديوان المجلس. وقال المجلس إنه بعد ذلك التاريخ، سيقوم بترحيل جميع الأنقاض، المسجلة وغير المسجلة. وقد بدأت عملية إزالة الأنقاض في أحياء البازار والزيتون في جنديرس، منذ 12 آذار، ويتوقع أن تستمر لمدة 100 يوم لتشمل كامل البلدة، بالتعاون بين مجلس جنديرس المحلي والدفاع المدني.
ويتم ترحيل الأنقاض إلى مواقع قريبة من نهر عفرين، وأيضاً إلى محيط بعض الطرقات العامة بغرض الاستفادة من الأنقاض في توسيعها. مصدر في مجلس جنديرس المحلي قال لسيريا ريبورت، إن ترحيل الأنقاض كان قد بدأ بشكل عشوائي إلى ذات المواقع، قبل أن يتم اعتمادها من مجلس بلدة جنديرس حالياً.
وتتم عملية ترحيل الأنقاض بحضور الضابطة الأمنية التابعة لفصائل المعارضة في جنديرس، بالإضافة إلى الشرطة المدنية، بغرض التأكد من ملكية الأنقاض وتوثيق عملية ترحيلها. وخلال ترحيل الأنقاض، تقوم الشرطة والضابطة الأمنية، بتحرير محاضر بالموجودات ضمن الأنقاض، ونقلها إلى مركز الشرطة وتسليمها لأصحابها.
من جانب آخر، أعلنت منظمة سارد Sard، غير الحكومية، عن مشروع لإزالة الأنقاض من مدينتي جنديرس وسرمدا، ضمن ما اسمته برنامجاً للتعافي المبكر. وتأسست المنظمة في العام 2013، وهي مرخصة في تركيا ومقرها في مدينة مرسين، وتنفذ مشاريع تعافٍ مبكر وسبل عيش تدعمها مؤسسات الأمم المتحدة والمانحين الدوليين. ويهدف مشروع إزالة الأنقاض إلى فتح الطرقات ضمن جنديرس وسرمدا، بغرض ما وصفته المنظمة بتسهيل الوصول الآمن إليهما واستعادة الحياة الطبيعية فيهما، وخلق فرص عمل قصيرة الأجل. ويشمل مشروع المنظمة، تشكيل لجنة تمكين للمجتمع المحلي، للتنسيق مع المتضررين، ولجان تقييم الأضرار فيها، فيما يتعلق بإزالة الأنقاض.