بعد حلّ الاتحاد السكني.. وزارة الأشغال العامة تلاحق الجمعيات السكنية
لا تزال أصداء قضية حلّ الاتحاد العام للتعاون السكني العام الماضي، تتفاعل مع تصفية وزارة الأشغال العامة والإسكان لبعض الجمعيات السكنية. وليس معروفاً حجم العقارات التي وضعت الوزارة يدها عليها من أملاك الاتحاد وفروعه في المحافظات والجمعيات السكنية، ولكن ذلك قد يعرّض أعضاء الجمعيات المحلولة لفقدان فرصتهم بالحصول على سكن.
وهدد وزير الأشغال العامة والإسكان سهيل عبداللطيف، الأسبوع الماضي، الجمعيات التعاونية السكنية التي ليس لديها مشاريع بناء حالية، بالحلّ أو الدمج مع جمعيات أخرى. في حين كشف مدير التعاون السكني في الوزارة، عن حلّ مئات الجمعيات السكنية. ومع ذلك، وبحسب تصريحات رسمية لمدير التعاون السكني، الأسبوع الماضي، فقد بقي بحدود 2500 جمعية مسجلة لدى الوزارة. وهدد المدير إنه إن لم تقم جمعية ما بشراء عقارات أو إحداث مقر لها، أو إن كان عدد أعضائها يقل عن 100 عضو، فسيتم مباشرة حلها وتصفيتها، بالاحتكام إلى مواد المرسوم التشريعي رقم 99 لعام 2011 الخاص بتنظيم عمل الجمعيات السكنية.
وتدعي وزارة الأشغال العامة والإسكان، إنها بذلك، تعيد ترتيب أوضاع الجمعيّات السكنية. وقالت الوزارة في تصريحات رسمية جديدة، إنها عملت على معالجة وضع 219 جمعية سكنية، في حين بلغ عدد الجمعيات التي تم الانتهاء من حلها وتصفيتها 368 جمعية. وتبرر الوزارة ذلك بأنها تلاحق الجمعيات التي استملكت عقارات ولم تبن عليها مساكن، أو التي بدأت بالبناء ولم تكمله، وكذلك الجمعيات التي مضى على إحداثها عشرات السنين ولم تستملك أرضاً حتى تاريخه ولم تُعد لأعضائها المدفوعات المتراكمة.
ولا تخلو أعداد الجريدة الرسمية منذ مطلع العام من إعلانات حلّ وتصفية أو دمج للجمعيات السكنية، بموجب قرارات من وزير الأشغال العامة والإسكان. ولتصفية أي جمعية سكنية، يعين الوزير لجنة تصفية تتألف من رئيس ومفتش حسابات وأعضاء. ويتضح من مطالعة الجريدة الرسمية، أنه في كل محافظة تتكرر ذات الأسماء لأعضاء لجان التصفية.
وتأتي عمليات التصفية والدمج المتواصلة، بعد صدور المرسوم التشريعي رقم 37 لعام 2019 الخاص بحلّ الاتحاد العام للتعاون السكني، بعد 58 عاماً على إنشائه. ونقل القانون 37 مهام ووظائف الاتحاد وممتلكاته، المنقولة وغير المنقولة، إلى وزارة الأشغال العامة والإسكان، وحلّ أيضاً الاتحادات التعاونية السكنية في المحافظات.
وكان الاتحاد العام للتعاون السكني قد وصف في مذكرة رسمية، صدرت عنه نهاية العام 2019، مشروع القانون 37، بالمخالف للدستور، لأنه يتضمن مصادرة للأموال المملوكة ملكية تعاونية جماعية، وتحويلها لوزارة الأشغال العامة والإسكان. واستند الاتحاد حينها للمادة 15 من الدستور التي تنص على منع المصادرة العامة في الأموال وصيانة الملكية الخاصة والجماعية.
ووصّفت تقارير إعلامية ما حدث باستيلاء الحكومة على أموال وممتلكات غير حكومية، محذرة من زيادة التحكم بالنقابات وهيئات المجتمع المدني، بذرائع مختلفة. وتُقدّرُ قيمة الايداعات المالية للاتحاد بنحو 80 مليار ليرة، كانت مودعة لدى المصرف العقاري بلا فائدة. ويبدو أن تلك الايداعات قد أصبحت بعهدة الوزارة، بحسب التقارير.
ويعود تأسيس الاتحاد العام للتعاون السكني إلى العام 1961، في حين يعود تنظيمه إلى قانون الجمعيات التعاونية السكنية رقم 13 لعام 1981. وتوسع بعد ذلك عمل الاتحاد العام وأنشئت له فروع مناطقية في المحافظات تضم الجمعيات السكنية المحلية. وكانت مهام الاتحاد العام تتمحور حول اقتراح السياسة العامة للتعاون السكني، والمشاركة في إعداد قوانين وأنظمة قطاع التعاون السكني، وإعداد الإحصاءات والبيانات الخاصة به، إضافة إلى إدارة صندوق إقراض الجمعيات، وصندوق التكافل التعاوني الاجتماعي.
وجاء قرار الإلغاء، بحسب التصريحات الرسمية، لمنع ازدواجية وجود إدارتين للجمعيات السكنية في كل محافظة، من الاتحاد العام ومن وزارة الأشغال العامة والإسكان. وتقول الوزارة إن المرسوم 37 أعطاها دوراً إشرافياً ورقابياً على الجمعيات، في حين أن من يتخذ القرارات هو هيئة المستفيدين والهيئات العامة في الجمعيات التي تقوم باختيار مجالس إداراتها.
وساهمت الجمعيات خلال العقود الماضية، في تأمين عشرات آلاف المساكن للمنتسبين، بتسهيلات كبيرة وكلفة صغيرة. مدير التعاون السكني في وزارة الأشغال العامة والإسكان كان قد أشار إلى أن عدد منتسبي الجمعيات بلغ 720,676 منتسباً، وعدد الأعضاء المكتتبين والمتخصصين 134,433 مكتتباً، وعدد الأعضاء المستلمين مساكنهم 219,435 عضواً، ليكون مجموع عدد الأعضاء التعاونيين في هذا الجانب 1,074,544 عضواً.