بسيمة: عودة خجولة لبعض النازحين
أشارت وكالة الأنباء السورية الرسمية سانا، قبل أيام، إلى أن 20 عائلة قد عادت إلى بلدة بسيمة في ريف دمشق الغربي. وأضافت الوكالة، أن تلك العائلات تقوم حالياً بإزالة الركام وترحيل الأتربة والأنقاض من أمام بيوتها، لجعلها صالحة للسكن.
رفع الأنقاض من بلدة بسيمة. المصدر: وكالة سانا.
وتتبع بسيمة إدارياً إلى ناحية مركز قدسيا، التابعة بدورها لمنطقة قدسيا التي تضم أيضاً ناحيتي الديماس وعين الفيجة. وتم ضمّ ناحيتي عين الفيجة والديماس إلى منطقة قدسيا، بموجب مرسوم تنظيمي صدر في العام 2009، بعدما كانتا تابعتين لمنطقة الزبداني. وتُعرفُ البلدات والقرى المحيطة بنهر بردى شعبياً باسم اسم منطقة وادي بردى، بحيث تضم معظم ناحيتي مركز قدسيا وعين الفيجة. وتكتسب المنطقة أهمية شديدة لكون نبع الفيجة، هو المصدر الرئيسي لمياه الشرب لمدينة دمشق وجزء من ريفها.
وقد خرجت معظم قرى وبلدات منطقة قدسيا عن سيطرة النظام في العام 2013، وبقيت تحت سيطرة المعارضة حتى العام 2017 عندما تسببت العمليات العسكرية لقوات النظام بتهجير كامل سكان بلدات بسيمة وعين الخضراء وعين الفيجة، وتهجير جزئي لسكان بقية البلدات المحيطة.
وكان محافظ ريف دمشق، قد أعلن في منتصف نيسان الماضي، بدء عودة أهالي بلدة بسيمة بالتزامن مع انتهاء المحافظة من تجهيز البنية التحتية من مياه وصرف صحي وكهرباء. وكان رئيس المجلس المحلي في بلدة جديدة الوادي المجاورة لبسيمة، قد أعلن من جهته، أن عملية العودة تتم بيسر وسهولة وبشكل منظم، لكل من يملك “البيانات اللازمة للدخول”. وأضاف أن نحو 800 نسمة قد دخلوا القرية لتفقد منازلهم. وكان يسكن بسيمة بحدود 2800 نسمة، بحسب إحصاء العام 2004.
ويُقصدُ بالبيانات اللازمة للدخول؛ إثبات سكن، وإثبات تحصيل فواتير الماء والكهرباء والهاتف عن السنوات الماضية، بالإضافة إلى الموافقة الأمنية التي تمنحها الأجهزة الأمنية. وغالباً ما لا يتمكن كثير من النازحين داخلياً من الحصول على الموافقة الأمنية بسبب أي اشتباه بنشاطات سياسية معارضة لأحد أفراد العائلة.
وكانت تناقضات رسمية قد ظهرت في قضية التعامل مع عودة النازحين إلى عموم بلدات وادي بردى، خاصة بلدتي بسيمة وعين الخضراء وعين الفيجة. ويمكن التمييز بين ثلاثة طروحات رسمية مختلفة، برزت خلال السنوات الماضية في وسائل الإعلام الموالية، كل منها تعاطى بشكل مختلف مع مصير المنطقة وسكانها.
الطرح الأول، ربط قضية العودة بتجهيز البنى التحتية وتأهيل المنطقة. والطرح الثاني، ربط العودة بصدور المخططات التنظيمية لبلدات وقرى المنطقة. والطرح الثالث، الذي ربط العودة بانتظار إقرار مشروع السكن البديل لأصحاب العقارات المستملكة في حرم نبع الفيجة ومجراه، وسط خلاف بين محافظة ريف دمشق وبين وزارة الموارد المائية، على موقع السكن البديل.
ويتداخل الطرحان الثاني والثالث مع بعضهما، إذ أن صدور المخططات التنظيمية لبلدات وادي بردى يتعلق بعاملين؛ تقرير حجم الاستملاكات في المنطقة بموجب القانون 1 لعام 2018 الخاص بإنشاء حرم حول نبع الفيجة، وتحديد منطقة مشروع السكن البديل باسم ضاحية وادي بردى، لأصحاب العقارات المستملكة وكذلك لمن دُمّرت منازلهم بسبب العمليات الحربية في المنطقة. وتولت الشركة العامة للدراسات الهندسية التابعة لوزارة الأشغال العامة والإسكان، منذ آب 2020، مهمة إعداد المخططات الخاصة بإنشاء الضاحية بحيث تتوسط بين بسيمة والدريج. وتسبب القانون 1\2018 باستملاك حوالي 165 هكتاراً حول كامل مسار النبع.
وفي كل الأحوال، ليس مفهوماً سبب هذا الارتباك الرسمي في التعاطي مع عودة النازحين الى بسيمة وبقية بلدات وادي بردى. ويبدو السماح لبعض العائلات بالعودة إلى بسيمة مستغرباً، في ظل عدم انجاز أي من الطروحات السابقة. إذ لم يتم لغاية اليوم؛ لا تجهيز البنى التحتية لبسيمة، ولا اصدار مخططاتها التنظيمية، ولا انجاز مخططات السكن البديل في ضاحية وادي بردى.