باسيليا سيتي: هل ناقضت محكمة الاستئناف القانون؟
ردّت محكمة الاستئناف بدمشق، مئات الدعاوى المقدمة للطعن بالأحكام التي أصدرتها لجنة حل الخلافات، الناظرة في المنازعات والاعتراضات على الملكيات العقارية في المنطقة التنظيمية الثانية بمدينة دمشق والمعروفة باسم باسيليا سيتي.
وبحسب ما قاله مصدر حقوقي مطلع في دمشق لسيريا ريبورت، فقد ردّت المحكمة بحدود 600 دعوة شكلاً، لأنه تم تقديمها خارج المهلة الزمنية المحددة من قبل محافظة دمشق للطعن بأحكام اللجنة. والردّ في هذه الحالة يكون قطعياً نهائياً، لا إمكانية للطعن فيه. في حين ما زالت محكمة الاستئناف تنظر في آلاف دعاوى الطعن بأحكام اللجنة والتي تم تقديمها خلال المهلة الزمنية المحددة.
وكان المرسوم التشريعي 66 لعام 2012 قد نصّ على إحداث منطقتين تنظيميتين في دمشق؛ الأولى تمتد على 214 هكتاراً جنوب شرقي المزة ومعروفة باسم ماروتا سيتي، والثانية جنوبي المتحلق الجنوبي وتتألف من المناطق العقارية مزة وكفرسوسة وقنوات بساتين وداريا وقدم ومعروفة باسم باسيليا سيتي وتبلغ مساحتها نحو 900 هكتار.
ولجنة حل الخلافات، بحسب المادة 14 من المرسوم 66، تتشكّل لدى محافظة دمشق بعد تقديم أصحاب الحقوق ادعاءتهم بالملكية أو الحقوق العينية. واللجنة ذات اختصاص قضائي، مهمتها النظر في جميع الاعتراضات والادعاءات بالملكية أو بالمنازعات العينية على العقارات الداخلة في المنطقة التنظيمية، وتحال إليها جميع الدعاوى المماثلة المتعلقة بالمنطقة القائمة أمام المحاكم التي لم يبت فيها بحكم مبرم.
المادة 15 أعطت لمحافظ دمشق، صلاحية تشكيل لجنة أو أكثر لحل الخلافات، برئاسة قاضٍ بمرتبة مستشار يسميه وزير العدل، وعضوية ممثلين عن مديرية المصالح العقارية ومحافظة دمشق. في حين قالت المادة 17 من المرسوم 66، أن “قرارات اللجنة قابلة للطعن أمام محكمة استئناف في دمشق وفق المواعيد والأصول المتبعة في استئناف قرارات قاضي الأمور المستعجلة وتفصل محكمة الاستئناف في غرفة المذاكرة بالطعن بقرار مبرم ويبقى للمتضرر الذي لم يكن طرفا في النزاع أمام اللجنة أن يداعي مسبب الضرر بالتعويض عن الضرر الذي أصابه أمام القضاء العادي”.
وكانت محافظة دمشق، قد أعلنت في 12 يناير 2021، عن انتهاء أعمال لجان حل الخلافات في منطقة باسيليا، ودعت أصحاب الادعاء بالملكية إلى مراجعة مقر مديرية تنفيذ المرسوم 66، للحصول على صور مصدقة لقراراتهم الصادرة عن لجنة حل الخلافات.
مصدر سيريا ريبورت الحقوقي، أشار إلى أن مديرية تنفيذ المرسوم 66 التابعة لمحافظة دمشق كانت قد احتفظت بجميع الأحكام التي أصدرتها لجنة حل الخلافات، ولم تبلغ أصحاب الحقوق بنتائجها تباعاً. بل راكمت المديرية آلاف الأحكام الصادرة عن اللجنة، خلال السنوات الماضية. وعندما انتهت أعمال لجنة حل الخلافات في باسيليا سيتي، مطلع العام 2021، أعلنت المديرية عن الأحكام دفعة واحدة، وأعطت أصحاب الحقوق مهلة قصيرة جداً لخمسة أيام فقط، للاطلاع على الأحكام والطعن فيها.
وبدا من بعض التعليقات لأصحاب الحقوق، بحسب مصادر سيريا ريبورت، أن ما قامت به محافظة دمشق يحمل مخالفة قانونية لأصول التبليغ، إذ أن قانون أصول المحاكمات هو من يحدد مهلة الاعتراض على أحكام لجنة حل الخلافات، لا محافظة دمشق ومديرية تنفيذ المرسوم 66. إلا أن المادة 18 من المرسوم 66 كانت قد نصت صراحة على إعفاء لجنة حل الخلافات من التقيد بالأصول والمهل المقررة في قانون أصول المحاكمات.
ويبدو أن تضارب القوانين قد ساهم في زيادة المشكلة بخصوص صلاحيات لجنة حل الخلافات، إذ أن القانون 42 لعام 2018، كان قد عدّل المادة 14 من المرسوم التشريعي رقم 66، لتصبح اللجنة مختصة بالنظر في جميع الاعتراضات سواء سبق وأن صرح عنها خلال المهلة المحددة أم لا. ويبدو هذا مناقضاً لما خلصت له محكمة الاستئناف من الردّ شكلاً للاعتراضات خارج المهلة المحددة من قبل محافظة دمشق. لا بل أضاف القانون 42: “لأصحاب الحقوق الذين لم يتقدموا باعتراضاتهم أمام لجنة حل الخلافات الحق في الادعاء بشأنها أمام القضاء العادي بعد انتهاء أعمال اللجان القضائية المنصوص عليها في أحكام هذا القانون”.