انهيار بناء في الحجر الأسود أثناء تعفيشه
في 2 نوفمبر 2022، قُتِلَ سبعة أشخاص نتيجة انهيار بناء مكون من أربعة طوابق عليهم في مدينة الحجر الأسود بريف دمشق. وأولئك الأشخاص هم معفشون، كانوا يعملون على سحب الحديد من الأعمدة والأسقف في البناء المتضرر، لإعادة تدويره. ويبدو بأن تجارة الأنقاض غير الشرعية باتت تستقطب شركات جديدة وتحظى بحماية عسكرية وأمنية.
والحجر الأسود هي مدينة ومركز ناحية تتبع إدارياً لمحافظة ريف دمشق، وتحاذي مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين. وكان يسكن الحجر الأسود قبل العام 2011 نحو نصف مليون نسمة. والمدينة كانت تعتبر قبل العام 2011 أكبر تجمع لنازحي الجولان منذ حرب حزيران 1967. جزء كبير من مدينة الحجر الأسود عبارة عن مناطق عشوائية غير منظمة ولا مخدمة وكانت مقصداً للمهاجرين الفقراء من بقية المحافظات السورية إلى العاصمة.
تعرضت المدينة لدمار شديد بسبب العمليات القتالية، إبان سيطرة المعارضة عليها بين العامين 2012-2015، وكذلك خلال فترة سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية ما بين العامين 2015-2018. وقد استعادت قوات النظام السيطرة على المدينة في العام 2018 بعد حملة قصف جوية ومدفعية واسعة النطاق تسببت بتدمير أحياء كاملة في المدينة، والتهجير القسري لمن تبقى من سكانها.
ويقع البناء الذي انهار في 2 نوفمبر 2022، في حي الجزيرة شمال غربي الحجر الأسود الذي تعرض لدمار كبير خلال مجريات الحرب والذي تمنع محافظة ريف دمشق السكان من العودة إليه. وقد سمحت المحافظة بعودة مشروطة للأهالي فقط إلى حيي تشرين والثورة الذين تعتبرهما صالحين للسكن. وبحسب المراسل سيريا ريبورت، فقد سُمِحَ لـ150 عائلة فقط بالعودة إلى الحجر الأسود، من أصل آلاف العائلات التي تقدمت بطلبات العودة.
رئيس المجلس المحلي لمدينة الحجر الأسود نفى سقوط ضحايا في الانهيار، بحسب ما نقلته وسائل إعلام موالية. رئيس المجلس أشار إلى أن المبنى لم يكن مأهولاً، وأن الأضرار اقتصرت على الماديات. ويبدو أن سبب نفي سقوط الضحايا، لأن حي الجزيرة غير مأهول وغير مسموح بالعودة إليه، ومن الصعب تبرير سقوط قتلى فيه بدون الإشارة إلى عمليات التعفيش.
شهود عيان أكدوا لمراسل سيريا ريبورت في المنطقة، بأن البناء انهار أثناء عمل المعفشين على هدم سطحه لاستخراج قضبان الحديد منه. ومن بين الوفيات امرأة، ويافعاً يبلغ من العمر 16 عاماً، والبقية هم أفراد من عائلة واحدة من عشيرة الجملان من الغوطة الشرقية.
وحضر إلى موقع البناء المنهار ورشة من محافظة ريف دمشق مزودة بآليات ثقيلة عملت على البحث عن الجثث بين الأنقاض ليومين. ومنع عناصر مخفر الحجر الأسود، وعناصر من فرع الأمن العسكري المسيطر على المنطقة، المدنيين من الاقتراب من الموقع.
أحد أهالي الحجر الأسود، قال لمراسل سيريا ريبورت، أنه شاهد أكثر من مرة مؤخراً سيارات شحن كبيرة تُخرجُ خردة تم استخراجها من الأنقاض والأبنية المتضررة في الحجر الأسود. وأشار المراسل إلى مرور تلك الشاحنات عبر الحواجز الأمنية من دون أن يعترضها أحد.
قوات النظام أغلقت مداخل ومخارج مدينة الحجر الأسود بسواتر ترابية، منذ العام 2018، وأبقت على مدخل واحد مفتوح عبر شارع الثلاثين. ويشرف على هذا المدخل حاجزان يُخضعان المسموح لهم بالدخول والخروج للتفتيش الدقيق.
وبحسب المراسل، تحصل ورشات التعفيش على مهمات أمنية صادرة عن الفرقة الرابعة في قوات النظام. وتتيح تلك المهام لحامليها إمكانية دخول الحجر الأسود والعمل فيه. وتقوم تلك الورشات بتجميع الأنقاض في مواقع محددة داخل المدينة. وإلى نقاط التجميع تلك يتوجه بعض تجار الأنقاض للمعاينة وشراء الأنقاض وأهمها الحديد. ومن ثم، يتم تحميل الحديد في شاحنات ونقله إلى أفران صب حيث يعاد تدويره.
المراسل أشار نقلاً عن مصادر في الحجر الأسود، بأن بعض تلك الشاحنات تعود للشركة السورية للمعادن والاستثمار، التي سبق وصادقت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك على نظامها الأساسي بالقرار رقم 3061 في العام 2018. ويحق للشركة بحسب القرار 3061 الاستيراد والتصدير لجميع أنواع المعادن والحديد والبلاستيك والألمنيوم، وفرز وترحيل الأنقاض، وتجارة مواد البناء والإكساء، والإسمنت، من بين غيرها من النشاطات.
ولم يتسنَّ لسيريا ريبورت التأكد من عائدية تلك الشاحنات للشركة من مصادر أخرى.