انهيار بناء سكني في حي خاضع لسيطرة الوحدات الكردية في مدينة حلب
انهار بناء في حي الشيخ مقصود بحلب الشرقية، فجر يوم 22 يناير، ما تسبب بمقتل 18 شخصاً من سكانه. ورغم أن المبنى حديث البناء، إلا أنه غير مرخص ويفتقد لشروط السلامة الإنشائية.
يخضع حي الشيخ مقصود وحي الأشرفية المجاور له، أمنياً وعسكرياً، لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردية. في حين تتكفل بالأمور الخدمية في الحيين، بلدية الشعب التابعة للإدارة الذاتية الكردية في شمال وشرق سوريا. بينما تخضع بقية أحياء مدينة حلب خدمياً لمجلس مدينة حلب التابع لوزارة الإدارة المحلية والبيئة في حكومة دمشق، وتسيطر عليها أمنياً وعسكرياً قوات النظام والمليشيات الموالية لها.
وتحيط حواجز لقوات النظام بمناطق سيطرة وحدات الحماية في الشيخ مقصود والأشرفية. وتفرض تلك الحواجز أحياناً حصاراً جزئياً أو كلياً على مناطق الكرد، بحسب وتيرة العلاقات بين دمشق والإدارة الذاتية. مثلاً، منذ ثلاثة شهور، تمنع تلك الحواجز إدخال المحروقات والمواد الغذائية وحليب الأطفال والأدوية، بسبب الأزمة الحالية بين الطرفين.
مراسل سيريا ريبورت في المنطقة، قال إن بلدية الشعب، وأمام ضخامة الانهيار وعجزها عن إزالة الأنقاض والبحث عن الناجين والضحايا تحت الركام، قررت طلب المساعدة من مجلس مدينة حلب للمساهمة في عمليات الإنقاذ. وبالفعل، أرسل المجلس فرق دفاع مدني وإطفاء مزودة بآليات ثقيلة، وسيارات إسعاف. المراسل أشار إلى أن وحدات الحماية عرقلت دخول بعض تلك الفرق، من دون تبرير الأسباب.
فرق الإنقاذ انتشلت 18 جثة من تحت الأنقاض، تم التعرف على 16 منها، ونقلت 3 مصابين إلى “مشفى الشهيد خالد فجر” في حي الشيخ مقصود. ويشير المراسل إلى أن وحدات الحماية منعت الفرق الطبية المرسلة من مجلس مدينة حلب، من نقل المصابين إلى المشافي في مناطق سيطرة النظام.
وأضاف المراسل نقلاً عن شهود عيان، بأن عمليات الإنقاذ توقفت بسرعة وبشكل غير مبرر، ظهر يوم 23 يناير، وقبل التمكن من الوصول إلى جميع الضحايا العالقين تحت الأنقاض. إذ يعتقد الأهالي بوجود شخصين على الأقل ما زالا عالقين تحت الأنقاض، وليس معروفاً إن كانوا أحياءً أو موتى. ومباشرة بعد توقف عمليات الإنقاذ، طلبت وحدات الحماية من جميع الفرق المرسلة من مجلس مدينة حلب مغادرة مناطق سيطرتها.
المراسل أشار إلى أن المبنى المنهار قد بني في العام 2018 من دون ترخيص من أي سلطة بلدية. أي أن المبنى حديث ولم يتعرض للقصف المباشر، ولا لآثار القصف السابق، وهي الأسباب الرئيسية لانهيار الأبنية في حلب الشرقية.
المراسل قال نقلاً عن شهود عيان بأن المبنى انهار كلياً، بطوابقه الخمسة، وأن الأنقاض كانت بمعظمها من البلوك فقط، وقد خلت إلى حد بعيد من الخرسانة المسلحة. ويشير ذلك إلى ضعف تسليح الأعمدة والأساسات والسقوف. ولتحقيق أعلى المرابح، غالباً ما يقوم المتعهدون في الأبنية غير المرخصة باستخدام كميات قليلة من الإسمنت والحديد، ما يعرض السلامة الإنشائية للخطر.
كما أن الطابق الأرضي من المبنى المنهار كان مغسلاً للسيارات. في العام الماضي، تمت توسعة المغسل بهدم بعض الأعمدة لتسهيل حركة السيارات فيه. كما أن المغسل لم يكن مجهزاً بشبكة تصريف للماء المستخدم في غسيل السيارات.
صاحب المبنى المنهار هو متعهد بناء معروف باسم “أبو عارف”، وهو نازح من ريف عفرين شمالي غربي حلب، وشغل لفترة موقعاً في بلدية الشعب في الشيخ مقصود. أبو عارف بنى بشكل مخالف عمارته ذات الطوابق الخمسة مكان بيت قديم كان قد اشتراه سابقاً وهدمه.
أبو عارف بنى أكثر من مبنى بنفس الطريقة في الشيخ مقصود، وهو ليس متعهد البناء الوحيد المسؤول عن البناء غير المرخص سيء التنفيذ. إذ انتشر البناء المخالف في الشيخ مقصود نتيجة الطلب الكبير على السكن من قبل النازحين الكرد من عفرين بعد العام 2018. وكانت القوات التركية، وقوات من المعارضة السورية، قد نفذت في العام 2018 عملية عسكرية ضد وحدات حماية الشعب في عفرين، ما تسبب بتهجير قسري لمعظم السكان الكرد إلى مناطق سيطرة وحدات حماية الشعب.
من جانب آخر، الطلب على السكن في الشيخ مقصود والأشرفية ليس محصوراً بالنازحين الأكراد، بل أيضاَ بنازحين من الأحياء المجاورة التي تسيطر عليها قوات النظام. إذ تعتبر مناطق سيطرة وحدات الحماية في حلب أكثر أماناً وحرية، وتتوفر فيها الخدمات البلدية، والمواد الغذائية والمحروقات، وكذلك فرص العمل. لذا، وارتفعت أسعار الإيجارات، وبات القطاع مربحاً للكثيرين من المتعهدين والتجار المحسوبين على وحدات الحماية.