المناطق الأكثر تضرراً بالزلزال بريف حلب
تعرضت مناطق سيطرة المعارضة المسلحة وهيئة تحرير الشام، في ريف حلب، لأضرار عمرانية كبيرة بتأثير زلزال 6 شباط 2023. في هذا المقال نستعرض آثار الزلزال على مدن صوران والأتارب وعفرين، ونشرح أسباب الأضرار في عمرانها.
صوران
تقع صوران شمالي مدينة حلب، وما زالت تحت سيطرة المعارضة منذ العام 2012، ولم تتعرض لقصف كثير من قوات النظام، كما لم تشهد اشتباكات عنيفة. وقد قتل في المدينة 33 شخصاً تحت أنقاض مساكنهم التي دمرها الزلزال، أكثر من نصفهم نازحون من ريف إدلب، والبقية من أهل المدينة.
مسؤول في المجلس المحلي لصوران، قال لمراسل سيريا ريبورت، إن الزلزال دمر بالكامل 80 بناءً سكنياً، بينها بعض الأبنية العربية ذات الطابق الواحد، القديمة نسبياً، والتي يزيد عمرها عن أربعة عقود. بينما، غالبية الأبنية المنهارة كلياً هي حديثة وطابقية، وقد أشيدت خلال السنوات الـ10 الماضية. عدد الأبنية الآيلة للسقوط بتأثير الزلزال التي يجب إزالتها بلغ 110 بناءً، وعدد الأبنية المتضررة جزئياً وبحاجة للترميم بلغ 180 بناءً. كما تضررت 4 مساجد بشكل كبير، وخزاني ماء رئيسيين، ومعهد لتحفيظ القرآن، و5 مدارس.
المسؤول قال بأن أغلب الأبنية الحديثة المتضررة، كلياً أو جزئياً، لم تكن مرخصة من قبل مجلس المدينة المحلي، الذي كان يفتقد القدرة على وقف التوسع العمراني العشوائي، كما هو الحال في أغلب مناطق المعارضة.
في صوران لم يفتتح المجلس المحلي مركز إيواء، بل استقبل المساعدات، ومن ضمنها الخيام، من المنظمات غير الحكومية العاملة في مناطق المعارضة، ووزعها على المحتاجين الذين نصبوها إلى جوار منزلهم المتضررة. وبذلك باتت المدينة برمتها أشبه بمخيم كبير.
السبب الرئيسي لانهيار المساكن في المدينة يرجع إلى التربة الهشة في المنطقة وعدم وجود طبقة صخرية قريبة من السطح. إذ أن صوران منطقة سهلية تبلغ سماكة التربة فيها حوالي 20 متراً تقريباً، وأكثر ما يناسبها هو البناء غير الطابقي المؤسس بشكل مدروس ومدعوم بالخرسانة المسلحة.
ويعني ذلك عملياً زيادة كبيرة في تكاليف البناء، وهذا ليس بمقدور كثير من أهالي المنطقة والنازحين إليها، خاصة خلال السنوات الماضية من الحرب وما بعد النزاع. يقول المسؤول بأن تأثير الزلزال كان مرعباً في صوران، إذ أن بعض الأبنية الطابقية المنهارة غاصت طوابقها الأولى في الأرض.
عفرين
تقع مدينة عفرين شمال غربي محافظة حلب، وهي مركز منطقة. وقد خضعت كامل منطقة عفرين لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردية ما بين العامين 2012-2018، قبل أن تسيطر عليها فصائل المعارضة السورية المدعومة من تركيا في عملية غصن الزيتون، ما تسبب بنزوح نسبة كبيرة من سكانها الأكراد الأصليين. مجلس مدينة عفرين المحلي هو المسؤول الحالي عن المدينة ادارياً وخدمياً، وهو تابع للحكومة السورية المؤقتة.
وعلى عكس جنديرس بريف عفرين التي تسبب فيها الزلزال بأكبر نسبة دمار في مناطق سيطرة المعارضة، ففي مدينة عفرين انهار بشكل كلي فقط 4 أبنية سكنية، ما تسبب بمقتل 16 شخصاً. وتسبب الزلزال بأضرار كبيرة في 204 بناء باتت معها غير قابلة للسكن وآيلة للسقوط، كما تضرر 3458 بناء بشكل جزئي وباتت بحاجة لتدعيم وترميم، بحسب ما قاله مسؤول في مجلس عفرين المحلي، لمراسل سيريا ريبورت في المنطقة.
معظم الأضرار في المدينة تركزت في شارع الفيلات الحديث نسبياً، والذي بُني بشكل عشوائي في فترة سيطرة وحدات حماية الشعب على المدينة. كما عمل متعهدو بناء ومقاولون مقربون من فصائل المعارضة بعد العام 2018 على التوسع في البناء غير المرخص في شارع الفيلات، وأيضاً التوسع العمودي بزيادة عدد الطوابق فوق الأبنية الأصلية.
وتسبب الزلزال بنزوح 3500 عائلة إلى 40 مركز إيواء وتجمع خيام داخل المدينة وفي محيطها القريب افتتحها المجلس المحلي. بعض مراكز الإيواء وتجمعات الخيام تتسع لـ300 عائلة، وبعضها الآخر بأحجام أصغر تتسع لـ30-40 عائلة. بعض العائلات نصبت خيماً بالقرب من منازلها.
الاتارب
مدينة الأتارب من المدن الكبيرة في ريف حلب الغربي، وهي قريبة من الحدود الإدارية لمحافظة إدلب. وتقع الأتارب تحت سيطرة حكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام.
تعرضت الأتارب لحملات قصف جوي وبري متكررة من قبل قوات النظام، منذ العام 2013، ووقعت فيها مجازر أشهرها التي ارتكبها سلاح الجوي الروسي بصواريخ عالية التدمير استهدفت وسط المدينة وسوقها نهاية العام 2017، ما أسفر عن مقتل أكثر من 100 مدني، وتدمير عشرات الأبنية السكنية والتجارية، وتصدع كثير من المباني التي بقيت مأهولة. كما تعرضت المدينة لقصف مكثف خلال الحملة العسكرية الأخيرة لقوات النظام على المنطقة بين العامين 2019-2020.
وعدا عن الأضرار المباشرة في العمران والبنى التحتية، فقد تسبب القصف أيضاً بأضرار غير مباشرة تتمثل بخلخلة التربة وأسس الأبنية. وهذا ما يفسر تأثير زلزال 6 شباط المروع في المدينة التي انهار فيها 200 مسكن، منها منازل عربية من طبقة واحدة وأبنية بطوابق متعددة، وانهار بشكل جزئي أكثر من 300 بناء آخر. وحت أنقاض تلك المساكن قُتِلَ حوالي 250 شخصاً، وأصيب حوالي 500 شخص بجروح.
وقد توجهت مئات العائلات المتضررة إلى مراكز إيواء قريبة أنشأتها حكومة الإنقاذ، بينما نزح آخرون عن المدينة إلى مخيمات الشمال على الحدود مع تركيا، وأغلب هؤلاء هم بالأصل من النازحين سابقاً إلى الأتارب. الجزء الأكبر من أهالي المدينة نصبوا خياماً بالقرب من منازلهم المتضررة جزئياً أو كلياً، وكذلك في ساحات المدينة وشوارعها. وبحسب مراسل سيريا ريبورت في المنطقة، فإن المبادرات الأهلية غير الحكومية كان لها الدور الأكبر في إغاثة المتضررين.