اللجاة: عودة جزئية محفوفة بالمخاطر
بعد تهجير دام لأكثر من سنتين ونصف، عاد الأهالي إلى بعض القرى في اللجاة بريف درعا الشمالي، برعاية روسية، في حين ما زال أهالي بعض القرى المجاورة ينتظرون تنفيذ الوعود المقدمة لهم بالعودة.
مصدر الصورة: حرية برس.
وعادت أكثر من 80 عائلة إلى بلدات ايب وعاسم والنجيح، في 21 كانون الثاني، برفقة دوريات من الشرطة العسكرية الروسية. وكان مركز المصالحة الروسية في الجنوب السوري قد تعهّد أكثر من مرة بعودة مُهجّري المنطقة، خلال اجتماعات مع وجهاء وممثلين عن الأهالي، وبتنسيق مع اللواء الثامن التابع للفليق الخامس المدعوم روسياً.
وبعد العودة مباشرة، أقدم الأمن العسكري على اعتقال بعض العائدين إلى إيب ومنهم قيادي في الفيلق الخامس الموالي لروسيا. وعلى إثر ذلك، اندلعت احتجاجات أهلية في أكثر من موقع في درعا، ما اضطر الأمن العسكري للإفراج عن المعتقلين.
وأشار بعض العائدين لمراسل سيريا ريبورت في المنطقة، إلى صعوبة الاستقرار في المنطقة في الوقت الراهن، بسبب انعدام أبسط مقومات الحياة، نتيجة الدمار شبه الكامل للبنى التحتية من شبكات الماء والكهرباء، ونسبة الدمار الكبيرة في العمران. هذا بالإضافة لتخوّف العائدين من الاعتقال لصالح أجهزة النظام الأمنية التي أقامت نقاط تفتيش على مداخل ومخارج تلك القرى والبلدات.
وتحتاج جميع المنازل في المنطقة إلى إعادة ترميم جزئي أو كلي، وهو ما يعني المزيد من الأعباء المالية التي لا طاقة للمُهجّرين بها مع سوء أوضاعهم المعاشية.
الدمار كان قد طال المقابر، بعدما عمدت قوات النظام والميليشيات الموالية لإيران على تدمير قبور قادة وعناصر المعارضة من أبناء المنطقة الذين قتلوا في مواجهات مع قوات النظام. ويزيد تدمير المقابر من مخاوف الأهالي، من عمليات انتقام قد تشهدها المنطقة، قد تطال ذوي المعارضين في حال عودتهم واستقرارهم في المنطقة. وتسببت تلك المخاوف إلى عدم عودة كثير من الأهالي، في الوقت الراهن.
في حين فضّل البعض نصب خيام في البلدات والقرى، والاستقرار فيها إلى حين يتم ترميم منازلهم. إذ يتخوف البعض، في حال مغادرتهم المنطقة بانتظار ترميمها، من الدخول مجدداً في مفاوضات جديدة مع قوات النظام للسماح لهم بالعودة، ما قد يستغرق سنوات إضافية كما حدث معهم سابقاً.
وكانت قوات النظام وميليشيات شيعية، قد اقتحمت منطقة اللجاة شرقي درعا، آواخر العام 2018، وهجّرت الأهالي بشكل قسري من المنطقة، قبل تجريفها بعض القرى بالكامل، لإقامة قواعد عسكرية فيها. أي أن تهجير أهالي المنطقة تمّ بعد عقد اتفاق التسوية في الجنوب السوري، وعودة سيطرة قوات النظام على المنطقة. وتسبب ذلك بطرد أكثر من 5 آلاف نسمة من منطقة اللجاة، واعتقال أكثر من 200 شخص ما زال 80 منهم معتقلين.
وجاءت عملية التهجير والتجريف لتلك القرى، بسبب قرب تلك القرى من بعض القواعد العسكرية الإيرانية حديثة الإنشاء في اللجاة، والتي تستخدم كمستودعات للأسلحة والذخائر، ومعسكرات تدريب.
ونزح الأهالي إلى القرى والبلدات القريبة، في حين أقامت بعض العائلات خياماً في المناطق الزراعية المجاورة. وناشد أهالي قرى وبلدات الشياح والشومرة والدورة وحوش حماد والطف، اللواء الثامن والشرطة العسكرية الروسية، بالسماح لهم بالعودة إلى قراهم التي تسيطر عليها حالياً ميليشيات شيعية موالية لفيلق القدس الإيراني.