اللاذقية: هدم مخالفات في مخيم الرمل الجنوبي للفلسطينيين
قتل خمسة أشخاص، بينهم ثلاثة موظفين في مجلس مدينة اللاذقية، في 24 حزيران 2020، بسبب انهيار مبنى مخالف في حي الغراف في حي الرمل الجنوبي بمدينة اللاذقية.وحصل انهيار المبنى أثناء قيام مجلس مدينة اللاذقية بهدم البناء المخالف المقام في منطقة عشوائيات.
الرمل الجنوبي هو مخيم غير رسمي للاجئين الفلسطينيين، يقع على امتداد الواجهة البحرية جنوبي مدينة اللاذقية. تأسس المخيم في الخمسينيات من قبل نازحين فلسطينيين، ويتكون معظم المخيم من مساكن مؤقتة بُنيت دون إذن من الحكومة. كان الرمل الجنوبي موطناً لما يصل إلى 10.000 فلسطيني قبل عام 2011، وفقاً لتقديرات وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وتتم عمليات الهدم بموجب مواد المرسوم التشريعي رقم 40 لسنة 2012 الخاص بمخالفات السكن العشوائي والبناء. وعندما تواجه السلطات البلدية التي تطبق القانون معارضة من السكان، فإنها تلجأ للاستعانة بالسرية 215 التابعة للأمن العسكري المنتشرة في جميع المحافظات.
ويعتبر كل بناء لا يحصل على ترخيص، مخالفاً، مهما كان التوصيف القانوني للعقار. وفي العموم، ليس بمقدور سكان العشوائيات استخراج رخص البناء المطلوبة بشكل نظامي، بسبب التوصيف القانوني للأرض؛ إن كانت مستملكة لصالح جهة حكومية، أو مشاع باسم عدد من الأهالي، وقد تمتنع البلديات عن اعطاء الرخص بانتظار المخطط التنظيمي لمنطقة ما.
ولا تعترف البلديات في سوريا بالعقارات المخالفة، ودأبت منذ العام 2019، إلى التأكيد لمن يريد شراء عقار مخالف، بأن عقاره سيكون عرضة للهدم، في محاولة لإبراء ذمتها قانونياً.
وغالباً ما تتعاطف دوريات الهدم مع السكان وتتغاضى عن التنفيذ، أو تقبل بالرشاوى لتكتفي بإحداث ضرر جزئي في البناء المخالف، ما يتركه قابلاً للترميم. إلا أن وزارة الإدارة المحلية باتت تتشدد مؤخراً في تنفيذ مواد المرسوم 40\2012، القاضي بإزالة الأبنية المخالفة بعد تاريخ صدور المرسوم في 20 أيار 2010. ويشمل ذلك جميع المباني المخالفة مهما كان نوعها وموقعها وصفة استثمارها أو استعمالها. وغالباً ما يتم التشدد في التنفيذ في الأحياء التي تعتبر مناوئة للنظام، ومنها حي الرمل الجنوب في اللاذقية.في العام 2019، كانت الوزارة قد أعفت 4 رؤساء بلديات في ريف دمشق من مهامهم، بسبب ما قالت إنه “الإهمال وعدم متابعة تنفيذ أحكام المرسوم 40”.
حي الرمل الجنوبي يمتاز بكثافة سكانية عالية، وأبنيه متلاصقة ومحشورة بشكل لا يتناسب مع شروط السكن الصحي. وليس فيه سوى شارع رئيسي واحد يسمى طريق البحر. ويعاني الحي من الإهمال الخدمي، ويعد واحداً من أفقر أحياء اللاذقية.
ويعود إنشاء الحي إلى العام 1952، حيث تم تشييده كمخيم للاجئين الفلسطينيين على أراض مستملكة لصالح الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب، التابعة لوزارة الشؤون المحلية والعمل السورية، على العقار رقم 1140، بالمرسوم رقم 2316. وتبلغ مساحة المخيم 2.2 هكتار، وقد نشأ على طرفه الشمالي امتداد توسعي عشوائي يقطنه سوريون ويعرف باسم الرمل الشمالي.
والرمل الجنوبي من المخيمات التي لا تعترف بها الأونروا، إذ تعتبره تجمعاً فلسطينياً لا مخيماً، لكنها تقدم له في الوقت ذاته بعض الخدمات التعليمية والصحية والإغاثية الاجتماعية، وتدير فيه أربع مدارس إعدادية وابتدائية.ولا تختلف فعلياً التقديمات بين المخيمات التي تعترف بها الانوروا وتلك التي لا تعترف بها، فالأمر يتعلق بتصنيفات إدارية للوكالة. وفعلياً، ومنذ خروج الفلسطينيين من مخيم اليرموك في العام 2013، باتت الوكالة تقدم مساعدات مالية، لا عينية، للفلسطينيين السوريين المسجلين لديها أينما وجدوا.
المخيم استقطب شرائح واسعة من الفقراء السوريين، وتوسع عشوائياً بأبنية مخالفة خارج إطار العقار المخصص له، وتجاوز ثلاثة أضعاف مساحته الأولى، رغم تقلص الوجود الفلسطيني فيه إلى 6728 لاجئ، بحسب إحصائية لدائرة اللاجئين الفلسطينيين في منظمة التحرير في العام 2010، من عدد سكان المخيم الكلي البالغ بحدود 100 ألف نسمة.
وتنظر جهات أمنية سورية إلى حي الرمل بوصفه بؤرة مناوئة للنظام، بعد انضمامه مبكراً للمظاهرات ضد النظام في العام 2011. وشنّت محافظة اللاذقية في نهاية العام 2019 بشكل مفاجئ حملة هدم شملت العديد من الشاليهات الشعبية في الحي، بالتزامن مع إعلان وزارة السياحة طرح مواقع فيه للاستثمار السياحي. وتبع ذلك الإعلان عن عقود أبرمتها محافظة اللاذقية مع شركتين سياحيتين، لإعادة بناء واستثمار شاطئ الرمل الجنوبي.