القيود الجديدة على بيع العقارات: مخالفة للقانون!
أصدر مجلس الوزراء، في 24 آذار الجاري، القرار رقم 28، محدداً قيمة الحد الأدنى من المبالغ التي يتوجب إيداعها في الحساب البنكي للبائع، كشرط لقبول توثيق عقود البيع والوكالات في الدوائر الرسمية.
وجاء القرار 28\2021 لتعديل القرار رقم 5 الصادر أيضاً عن مجلس الوزراء، في كانون الثاني 2020. القرار 5\2020 كان قد ألزم الجهات العامة المخولة قانوناً مسك سجلات ملكية العقارات والمركبات بأنواعها والكتاب بالعدل، بعدم توثيق عقود البيع أو الوكالات المتضمنة بيعاً منجزاً وغير قابلة للعزل، قبل إرفاق ما يُشعِرُ بتسديد الثمن، أو جزء منه، في الحساب المصرفي للمالك أو خلفه العام أو الخاص أو من ينوب عنه قانوناً اعتباراً من منتصف شباط 2020.
القرار الجديد 28\2021 أضاف ثلاثة بنود على الفقرة (أ) من المادة الأولى في القرار 5\2020، محدداً بموجبها الحدّ الأدنى من المبالغ التي يتوجب وضعها في الحساب المصرفي للبائع، لقبول توثيق عقود البيع والوكالات؛ ما لا يقل عن 5 مليون ليرة سورية لعمليات بيع العقارات السكنية والتجارية والمركبات، ومليون ليرة في عمليات بيع وشراء الأراضي، بالإضافة إلى تجميد مبلغ 500 ألف ليرة في الحسابات المستخدمة لعمليات البيوع تلك، لمدة ثلاثة أشهر على الأقل.
وكانت تصريحات قديمة لمصادر حكومية، قد وجدت في القرار 5\2020 ثغرة لجهة عدم تحديده الثمن أو الجزء من الثمن للعقار المباع، وبناء عليه يمكن إيداع أي مبلغ في الحساب البنكي للبائع، ليعتبر ثمناً أو جزءاً من الثمن. و أرجعت تلك المصادر السبب إلى عدم قدرة “المعنيين” تحديد ثمن العقار أو المركبة المباعة.
لذلك، صدر القرار 28\2021، المحدد للمبالغ الواجب إيداعها، مباشرة بعدما أقر مجلس الشعب قانون البيوع العقاري الجديد، الذي يخضع ضرائب البيوع العقارية، لتخمين قيمة العقار المباع وفق الأسعار الرائجة. وحَظَرَ قانون البيوع العقارية الجديد على دوائر السجل العقاري، وكتاب العدل، وكل جهة مخولة بتسجيل الحقوق العينية العقارية، توثيق أو تسجيل أي حق عيني عقاري ما لم يبرز أصحاب العلاقة براءة ذمة من الدوائر المالية.
ويبدو أن الحكومة تسعى، من خلال تحديد الحد الأدني لبيع عقار أو سيارة بـ5 ملايين ليرة، إلى حل مشكلة تسجيل قيم متدنية للأسعار في عقود البيع، ما من شأنه تكبيد الخزينة خسائر كبيرة.
وفي كل الأحوال، يخالف القراران 28 و5 بشكل صريح المادة 681 ف 1 من القانون المدني السوري، الناظمة لعملية البيع بموجب وكالة خاصة لدى الكاتب بالعدل. إذ لم يُقيّد القانون المدني، ولم يضع شروطاً، لتوثيق عملية البيوع ونقل الملكية عبر الوكالة، أو حتى عمليات توثيق عقود نقل الملكية في السجل العقاري، أو مديريات النقل.
كما يعتبر القراران قيوداً مفروضة على عملية نقل الملكية، والتي لم يتطلبها القانون أصلاً. المادة 825 من القانون المدني اعتبرت أن الحقوق العينية العقارية تكتسب وتنتقل بتسجيلها في السجل العقاري. وتطبيقاً لذلك فليس هناك قانوناً قيود على عملية نقل الملكية، سوى بعض الإجراءات كالحصول على بيان مالي من مديرية المالية، يتضمن القيمة المالية للعقار وبراءة ذمة مالية للبائع والمشتري، وتسديد ضريبة البيع من قبل المشتري وفقاً لما هو محدد في القانون، ودفع رسم نقل الملكية في السجل العقاري كرسم الطابع والسندات.
ولكن بعد العام 2011، بدأت الحكومة تفرض شروطاً على عملية نقل الملكية، كالحصول على الموافقة الأمنية في مخالفة للدستور، أو مخالفة لنص القانون كما هو الحال بخصوص القرارين 5 و 28.
ويجوز للجهات التنفيذية اصدار قرارات إدارية أو لوائح تنفيذية للقوانين الصادرة عن السلطة التشريعية. ولا يجوز للسلطة التنفيذية إضافة ما يخالف نص الدستور أو القانون، وإلا فهي قرارات باطلة لمخالفتها ما هو أعلى منها على سلم الهرم التشريعي. إذ يقتصر دور اللائحة التنفيذية للقانون أو القرار، على تفسير بعض الجوانب الغامضة في القانون، أو شرح كيفية تطبيقه، على ألا تأتي بجديد يخالف نص القانون. وفي حال وجود تناقض أو تعارض، فهي باطلة حكماً. إذ يعتبر القانون أعلى مرتبة من القرار الإداري، وفي حال تعارضهما يُلغي الأعلى مرتبة، الأدنى. وبهذا، أحدث القراران الإداريان 5 و28 شروطاً غير منصوص عليها في القانون، فيما يخص توثيق وإتمام عملية البيوع، وهو ما يعتبر من صلاحيات مجلس الشعب.
مصدر الصورة: وسائل إعلام موالية.