القابون السكنية: كيف تضيع الحقوق؟
لم يتمكن أغلب المُهجّرين قسرياً من حي القابون الدمشقي إلى مناطق المعارضة في شمال غربي سوريا، من الاطلاع على المخطط التنظيمي للحي، ولا الاعتراض عليه لإثبات حقوقهم وملكياتهم.
الدمار في القابون
المصدر: خرائط غوغل
وكانت محافظة دمشق قد أعلنت في حزيران 2020، عن صدور المخطط التنظيمي التفصيلي رقم 105 لمنطقة القابون السكنية بموجب أحكام قانون تخطيط وعمران المدن رقم 23 لعام 2015. وعرضت المحافظة المخطط في بهوها لمدة شهر استقبلت خلاله الاعتراضات الخطية من أصحاب الحقوق. ولم يتضح لحد اليوم، إن كانت المحافظة قد أقرت المخطط التنظيمي، ولا ماذا حل بالاعتراضات عليه.
وتضم القابون أيضاً منطقة صناعية، شبه مدمرة ومنذورة بالهدم، وفق المخطط التنظيمي رقم 104 الصادر في حزيران 2019، بموجب أحكام القانون 10 لعام 2018 القاضي بجواز إحداث منطقة تنظيمية أو أكثر ضمن المخطط التنظيمي العام للوحدات الإدارية.
وتعرض حي القابون لتدمير واسع النطاق، بين العامين 2011-2017، بسبب القصف الجوي والمعارك، خلال فترة سيطرة المعارضة عليه. وبعد حصار طويل، قبلت المعارضة في الحي، في أيار 2017، اتفاق مصالحة قضى بالتهجير القسري لرافضي الاتفاق. وبقي في الحي بعد الاتفاق قرابة 130 عائلة، بعدما تهجّر منه قسراً قرابة 400 عائلة إلى إدلب، ونزح الآلاف منه خلال سنوات الحرب إلى دمشق وريفها، هذا عدا مئات العائلات التي لجأت خارج سوريا.
مؤخراً، سُمح لبعض النازحين محلياً، بدخول الحي والسكن فيه، بعد تحقيق شرطين: إجراء دراسة أمنية “تحقيق” مع المخابرات الجوية، والحصول على تقرير من لجنة فنيّة مختصة تفيد إن كان العقار صالحاً للسكن. إلا أن نسبة كبيرة من النازحين ما زالت ممنوعة من العودة، بعدما تحوّلت أجزاء واسعة من الحي إلى أنقاض. إذ أنه وبعد انتهاء الحرب، تمت إزالة منطقة سكنية واسعة كانت ممتدة بمحاذاة طريق دمشق-حمص الدولي، وعلى مسافة 400 متر داخل حي القابون، بحسب مراسل سيريا ريبورت.
وقد واصلت ورشات الهدم، خلال السنوات الماضية، عمليات الهدم والتجريف لمباني تلك المنطقة السكنية، بذريعة عدم سلامتها الانشائية، من دون تقديم تقارير تفصيلة لكل بناء بحد ذاته. كما نشطت في الحي عملية سحب الأنقاض، من قبل جهات محسوبة على الأجهزة الأمنية والعسكرية المسيطرة، بغرض إعادة تدويرها والاستفادة منها في إنتاج بعض مواد البناء.
وأشارت مصادر أهلية لسيريا ريبورت، إلى أن عمليات الهدم وتدوير الأنقاض، كانت تجري بالشراكة بين ورشات تعمل لصالح رجل الأعمال الدمشقي محمد حمشو، بالتعاون مع ضباط في الحرس الجمهوري والمخابرات الجوية. ولم تتمكن سيريا ريبورت من تأكيد تلك المعلومات.
هدم أجزاء من منطقة القابون السكنية ثم إصدار مخططها التنظيمي، قد يتسبب بضياع حقوق جزء كبير من السكان السابقين، بسبب عشرات قرارات مصادرة الأملاك الصادرة غيابياً عن محكمة الإرهاب بحق معارضي النظام، وأيضاً بسبب عدم قدرة المُهجرين قسراً، على الحضور شخصياً أو توكيل آخرين بسبب الخوف من الملاحقة الأمنية. كما أن هدم العقارات وسحب أنقاضها، قبل تثبيت الحقوق العينية فيها من قبل لجان مختصة، يثير مخاوفاً حول مصير الأملاك غير المسجلة أصولاً في المصالح العقارية. إذ أن جزءاً وازناً من العقارات في الحي كانت بمثابة عشوائية مقامة على أراضٍ مصنفة زراعية.
ورغم كل ذلك، ينشط أشخاص من الحي، يُطلقُ عليهم الأهالي اسم “مندوبين”، لشراء ما تبقى من أملاك غير مصادرة ومسجلة في المصالح العقارية للنازحين والمُهجّرين. ويقول سكان الحي إن أولئك المندوبين يعملون لصالح رجل الأعمال محمد حمشو، إلا أن سيريا ريبورت لم تتأكد منذ ذلك. ويعامل المندوبون مع تلك الأملاك على أنها أراضٍ خالية، لا عقارات مبنية، غالباً لأنها تعرضت للهدم. ويعرض المندوبون أسعاراً زهيدة لقاء تلك الأراضي، بحدود 60-100 ألف ليرة للمتر المربع.