الفوضى في مخطط مدينة اللاذقية التنظيمي
أعلن مجلس مدينة اللاذقية في 12 أيار، عن صدور المخطط التنظيمي العام الدوري لمدينة اللاذقية، وفتح باب الاعتراض عليه لمدة شهر واحد.
مخطط مدينة اللاذقية لعام 2016. المصدر سوشيال ميديا
والمخطط التنظيمي العام الدوري، بناء على أحكام المرسوم التشريعي 5 لعام 1982 الخاص بالتخطيط العمراني، هو بمثابة إعلان متكرر عن المخطط التنظيمي بعد تضمينه تعديلات ناجمة عن قبول اعتراضات سابقة. ويعلن عن المخطط بشكل دوري، أول مرة بعد سنة على إصداره، ومرة بعدها كل ثلاث سنوات، ليتم استقبال الاعتراضات عليه مجدداً، ويحق للجهة الإدارية اقتراح التعديلات عليه، حتى يتم إقراره بصورته النهائية.
ويعود أول مخطط تنظيمي لمدينة اللاذقية إلى العام 1950 بمساحة 1200 هكتاراً، وجرى عليه في الستينيات ثلاثة تعديلات واكبت تطور المدينة وتوسعها. ويعود اطلاق العمل بالمخطط التنظيمي العام الجديد لمدينة اللاذقية إلى العام 1984، بالتعاون بين مجلس المدينة مع الشركة العامة للدراسات الهندسية التابعة لوزارة الأشغال العامة والإسكان. وكان من المفترض الإعلان عنه للمرة الأولى في العام 2001، لكن تم تأجيله عدة مرات “ليواكب تطور المدينة عمرانياً” بحسب تبريرات مجلس المدينة، حتى صدر أخيراً في العام 2008، ولكن لم يتم تصديقه، لأن عدد الاعتراضات كان هائلاً. وتم تقديم أكثر من 13 ألف اعتراض على المخطط، 62% منها من أصحاب الأملاك في المناطق العشوائية، و25% منها من أصحاب الأراضي الزراعية. ومن علائم الفوضى وسوء التخطيط، أن مخطط 2008، أقرّ 23 حديقة عامة و27 مدرسة في حيّ الدعتور لوحده، الذي كان يحتوي حينها على سبع مدارس اثنتان منها شاغرتان.
تم تصديق المخطط أخيراً في آب 2016، ووقّع عليه وزير الأشغال العامة والإسكان، بالقرار الوزاري رقم 252، وعزا التأخير في إصداره إلى محاولات تعديله ليتوافق مع الاعتراضات الكبيرة التي رافقت الإعلان عنه. وبخصوص المناطق العشوائية في المخطط التنظيمي، أحيلت إلى القانون 23 لعام 2015 الخاص بتنفيذ التخطيط وعمران المدن، ليتم تنظيمها بمخططات تنظيمية منفصلة، قيل إنها ستصدر لاحقاً. وبلغ عدد الاعتراضات على مخطط 2016، 1235 اعتراضاً.
وأعيد الإعلان عن المخطط التنظيمي، وعرضه بشكل دوري في العام 2017، في حين تأخر إصداره الدوري الثاني إلى أيار 2021 بدلاً من 2020. ويمتد مخطط مدينة اللاذقية التنظيمي الحالي، على مساحة 8 آلاف هكتار، ويلحظ ثمانية مناطق عشوائية.
وعدا عن التعديلات المتكررة التي حدثت بسبب الاعتراضات، ضمّ المخطط التنظيمي لعام 2017 قرية سقوبين إلى مدينة اللاذقية واعتبرها جزءاً منها. وكان الضم قد تمّ سابقاً بموجب قرار من بلدية اللاذقية في العام 2011، ولكن المخططات التنظيمية السابقة لم تلحظه. وتبعد بلدة سقوبين عن مدينة اللاذقية 3 كيلومترات، وكانت المخالفات الجماعية العشوائية في مدينة اللاذقية قد وصلت إلى سقوبين. وسبق أن صدر في العام 2019، مخطط تنظيمي عام لقرية سقوبين، بشكل منفصل. ولقي مخطط سقوبين المنفصل 21 اعتراضاً تمّت دراستها والموافقة على بعضها.
وليست المشكلة في الزمن المديد الذي استغرقته دراسة مخطط مدينة اللاذقية العام، بل أيضاً في حجم الأخطاء الجسمية التي رافقته والتي تسببت بحجم الاعتراضات الكبير عليه. إذ تبين وجود مناطق منظمة تم لحظها على المخطط التنظيمي العام كمناطق مخالفات جماعية في مناطق الشحادين والصليبة وبسنادا. مخطط العام 2008 جرى تحديثه وإعلانه قبل تحديث المخططات الطبوغرافية، ما خلق فجوة وتناقضاً مع الواقع القائم، فجاءت الشوارع في المخطط غير متطابقة بشكل عام مع الشوارع الموجودة.
وبعد إنجاز المخطط التنظيمي العام النهائي، يجب انجاز المخطط التنظيمي التفصيلي. إلا أن غياب تلك المخططات والخطط التنظيمية والعمرانية القادرة على مواكبة التطور السكاني تزيد من معاناة مالكي العقارات وعدم قدرتهم على استخراج رخص البناء النظامية اللازمة. وفي الاثناء يستمر تضخم العشوائيات في ظل غياب القدرة الحكومية على معالجة أزمات السكن.