الغسانية جنوبي إدلب: الفصائل الجهادية تتناوب السيطرة.. ولا عودة للأهالي
في منتصف العام 2020 بدأت هيئة تحرير الشام الضغط على تنظيم حراس الدين لإخلاء قرية الغسانية المسيحية غربي مدينة جسر الشغور في ريف إدلب. وجاء ذلك في معرض حملة أمنية تنفذها الهيئة على جانبي الطريق الدولي حلب-اللاذقية M4 لتأمين مرور الدوريات العسكرية المشتركة الروسية-التركية.
وتمكنت هيئة تحرير الشام من إجبار حراس الدين على الانسحاب من منازل وعقارات في الغسانية، ومنها كنيسة القديس جاورجيوس للروم الأرثوذوكس. وباتت الغسانية تتبع لإدارة منطقة جسر الشغور التابعة لحكومة الإنقاذ المسيطرة على إدلب خدمياً، والتابعة بدورها لهيئة تحرير الشام. لكن، لم ينجح ذلك في إعادة أهالي الغسانية الذين نزح أغلبهم عنها منذ العام 2012. بل إن حكومة الإنقاذ وضعت يدها مؤخراً على أملاك وعقارات الغائبين من الأهالي. كما أنها تابعت نهج الفصائل الجهادية في تعاملها مع مسيحيي إدلب، في فرض ضرائب على المتبقين منهم حدّت من قدرتهم على استثمار أراضيهم الزراعية ما دفعهم لتأجيرها لأبناء القرى المحيطة من المسلمين.
وكانت قرية الغسانية تعتبر التجمع الأكبر لمسيحي منطقة جسر الشغور في ريف إدلب قبل العام 2011، إذ كان يسكنها قرابة 10 آلاف شخص معظمهم من الروم الارثوذوكس، وفيها عدد كبير من الاديرة والكنائس.
فصائل المعارضة سيطرت على الغسانية في العام 2012، فنزح معظم سكانها باتجاه مناطق سيطرة النظام في إدلب، وتركوا ورائهم أملاكهم من بيوت وعقارات وأراضي زراعية. وجاء النزوح في المقام الأول خوفاً من قصف الطيران الحربي للنظام، وثانياً من الصبغة الإسلامية لبعض فصائل المعارضة. القصف الجوي للنظام استهدف القرية ولم يستثن كنيسة القديس جاورجيوس.
ومنذ العام 2013، شكلت الغسانية، وبقية قرى المسيحيين في ريف إدلب، نقطة جذب للتنظيمات الجهادية، بسبب الأعداد الكبيرة من المنازل الخالية من سكانها النازحين عنها. وعملت التنظيمات الجهادية على إسكان عائلات مقاتليها في تلك المنازل، واستثمار الأراضي الزراعية والمحال التجارية للغائبين.
في العام 2013 سيطر على البلدة تنظيم الدولة الإسلامية، وقام القيادي في التنظيم المتطرف المعروف باسم “أبو أيمن العراقي”، بتحويل الكنيسة إلى معتقل جماعي. ومع طرد التنظيم من المنطقة، على يد فصائل المعارضة مطلع العام 2014، تمّ اكتشاف مقبرة جماعية في الكنيسة، وجدت فيها جثث أكثر من 20 مقاتلاً من الجيش الحر.
وبعد فترة قصيرة من طرد داعش، تنازعت السيطرة على الغسانية تنظيمات جهادية أخرى، أبرزها حراس الدين والحزب الإسلامي التركستاني وهيئة تحرير الشام. وسكنت عائلات مقاتلي تلك التنظيمات منازلالغائبين من أهالي البلدة.
ومع إجبار حراس الدين على الانسحاب من القرية، منتصف العام 2020، لا يزال الحزب الإسلامي التركستاني متواجداً ولكن تحت إشراف هيئة تحرير الشام التي تولت أيضاً تنظيم الإسكان، والسيطرة على عقارات ومنازل الغائبين. وعلى الأغلب ستجبر الهيئة بقية التنظيمات الجهادية على إخلاء عقارات المسيحيين الغائبين وموالي النظام في الغسانية، ومن ثم ستعمل على تأجيرها واستثمارها لصالح خزانتها، كما هو الحال في عموم مناطق سيطرتها في محافظة إدلب.