العقارات المؤجرة للقطاع العام: حلم قد لا يعود لأصحابه
ما زال موضوع الإيجار يمثّلُ أحد أكبر مصادر النزاعات القانونية في سوريا، خاصة فيما يتعلق بالعقارات المؤجرة للجهات العامة والهيئات السياسية.
وعادت القضية إلى الواجهة مؤخراً، مع اقتراب مهلة انتهاء العمل بنظام التمديد الحكمي للعقارات المُستأجرة، من قبل الجهات العامة والسياسية. إذ تنتهي المُهلة في 1 كانون الثاني 2021، في حال لم يصدر أي تمديد إضافي لها، كما درجت العادة.
والتمديد الحكمي، هو تمديد عقد الإيجار حكماً، بغض النظر عن رغبة وإرادة المؤجّر. وأول ذكر للتمديد الحكمي جاء مع أقدم قانون للإيجار في سوريا؛ المرسوم 111 لعام 1952. وغالباً ما يهدر التمديد الحكمي حقوق المؤجّر. ويناقض ذلك المبدأ القانوني “العقد شريعة المتعاقدين”، الذي نصّت عليه المادة 148 من القانون المدني السوري.
ويقصد بالجهات العامة والسياسية، أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، وحزب البعث، والبلديات ومؤسسات القطاع العام والمشترك، والمنظمات الشعبية والنقابات على مختلف مستوياتها، والجمعيات، والمؤسسات التعليمية والمدارس. ويُقدر عدد العقارات التي تستأجرها هذه الجهات، بالآلاف، ومعظمها تقع في مراكز مهمة من العاصمة دمشق، ومراكز المدن والبلدات، ويعتبرها أصحابها بحكم الأملاك الميتة التي لا يمكنهم التصرف بها. وقد تم استئجار هذه العقارات في مراحل زمنية مختلفة خاصة في المرحلة التي أعقبت وصول حزب البعث إلى السلطة في انقلاب 1963، وزادت منذ مطلع السبعينيات مع زيادة عدد مقرات حزب البعث وأحزاب الجبهة الوطنية المتحالفة معه، وكذلك المنظمات الشعبية وغيرها من مؤسسات القطاع العام.
قانون الايجار الأخير رقم 20 لعام 2015، كان قد حدد مطلع كانون الثاني 2018، لإنهاء العمل بالتمديد الحكمي للجهات العامة والهيئات السياسية. لكن، قبل نهاية المهلة، صدر القانون 42 لعام 2017، لتمديد المهلة 3 سنوات إضافية تنتهي مطلع العام 2021.
المادة 12 من القانون 20، نصّت صراحة على استثناء المؤسسات التعليمية والمدارس المؤجرة للوزارات، من إنهاء التمديد الحكمي واستراد العقار، إلا إذا ارتأت الوزارة المعنية عدم الحاجة لهذه العقارات.
قانون الإيجار 20 لعام 2015، كان قد سار على نهج القانون 10 لعام 2006 الصادر لتعديل قانون الإيجار رقم 6 لعام 2001، بإخضاع أي تأجير جديد للعقارات للجهات العامة والسياسية لإرادة المتعاقدين. ولا يسري هذا التعديل على العقارات المؤجرة قبل نفاذ القانون 10 لعام 2006، والتي تبقى خاضعة لأحكام التمديد الحكمي.
قانون الإيجار رقم 20 لعام 2015، قال إنه إذا ما انتهى العمل بالتمديد الحكمي للعقارات المؤجرة للجهات العامة والهيئات السياسية، سيصبح بإمكان أصحاب العقارات طلب إنهاء العلاقة الإيجارية، واسترداد العقار مقابل التعويض على الجهة المستأجرة بمبلغ يعادل نسبة 40% من القيمة الحالية للعقار.
ومع ذلك، فقد أورد القانون 20 حالات محددة إمكانية اللجوء إلى القضاء بدعوى الإخلاء، وحَصَرَها بشروط شكلية معقدة ومتشابكة. ولذا، حتى لو أراد المالك إخلاء عقاره، فلا تُسمع دعوى التخلية في القضاء إلا بعد سنة من إبلاغ المستأجر طلب الإخلاء.
كذلك، القانون 20 زاد الخناق على مؤجر الجهات العامة والهيئات السياسية، حتى لو حصل على قرار بإخلاء عقاره. إذ عاقبت المادة 15 من القانون، بالحبس والغرامة، كل من أخلى عقاراً كان مؤجراً لجهة رسمية، ولم يشغله أو يباشر البناء فيه خلال ثلاثة أشهر من تاريخ الإخلاء، أو لم يشغل عقاره بشكل مستمر مدة سنتين على الأقل. وفوق الحبس والغرامة، القانون ألزم المالك بتعويض المستأجر في تلك الحالات.