العبادة قرية مستباحة في الغوطة الشرقية
تمارس قوات النظام السوري انتهاكات بحق الملكيات الخاصة في بلدة العبادة بغوطة دمشق الشرقية، رغم أن البلدة تحت سيطرة النظام منذ العام 2013، وهي شبه مهجورة، ومعظم سكانها نازحين عنها.
وربما، يعود كل ذلك التشديد الأمني والاستباحة للبلدة الواقعة في ناحية النشابية والتابعة لمنطقة دوما، إلى أن بعض قادة فصائل المعارضة في الغوطة كانوا من العبادة، وسقط من ابنائها المئات في القتال ضد النظام.
ومؤخراً، استحوذت قوات النظام على منازل تعود ملكيتها لعائلات مهجّرة قسراً إلى الشمال السوري، واتخذت بعضها مساكن لعائلات الضباط، ومنازل أخرى تم اتخاذها مقار عسكرية، وفلل للاصطياف، ومقار لدوائر رسمية، بحسب مصدر موثوق من أهالي البلدة، تحققت من معلوماته سيريا ريبورت.
اختيار هذه المنازل لم يكن عبثياً. إذ شكلّ المجلس البلدي في العبّادة، لجنة لتقسيم المنازل وفقاً لخلفية أصحابها السياسية. وتم ترقيم المنازل التي غاب أصحابها الأصليون، باستخدام لونين في طلاء الأرقام؛ الأزرق للمنازل التي تم تهجير أصحابها إلى الشمال السوري وتركيا وللمنشقين عن الجيش والشرطة والوظائف الحكومية، بالأحمر، للمنازل التي لجأ أصحابها إلى لبنان والأردن، ومن غير الملاحقين أمنياً. عملية التعداد والترقيم شملت جميع بيوت الغائبين والمهجرين قسراً.
بموجب نتائج عمل هذه اللجنة، وانصياعاً لتوجيهات أمنية، حذّر مسؤولو البلدية وفرقة حزب البعث في البلدة، قاطني البيوت المرقمة بالأزرق من أقارب المُهجّرين أو المستأجرين، وطلبوا منهم مغادرتها. وفي الوقت ذاته، قام ضباط من قوات النظام، وأحياناً من الجنود الذين يؤدون خدمتهم العسكرية في البلدة أو بالقرب منها، بالاستحواذ على، والسكن في المنازل المرقمة الأزرق.
وعاد إلى العبادة حوالي 250 عائلة من أصل 8 آلاف شخص قبل العام 2011. وتمّ تهجير 1450 عائلة إلى الشمال السوري، في حين أن 300 عائلة وجدت طريقها إلى خارج سوريا.
في مطلع 2019، قالت بلدية العبادة أنها ستطبق القانون رقم 10 لعام 2018، لغرض إزالة التعديات على الشوارع، ضمن المخطط التنظيمي القديم للبلدة، المُجمّد منذ أكثر من 40 عاماً. ولم توضح البلدية كيفية تطبيق القانون 10\2018 على المخطط القديم الذي لم يتم تطبيقه ولا تعديله خلال السنوات الـ40 الماضية.
البلدية شقت شوارع متعددة في البلدة، بموجب المخطط القديم، ما أدى للإزالة الكلية، أو الإضرار جزئياً، بأكثر من 200 منزل. فعلياً، فإن التطبيق الجديد للمخطط التنظيمي القديم على البلدة، مرّ من دون مراعاة 40 سنة من التغيرات فيها، ومن دون ملاحظة واقع الحرب والتهجير.
وسيطرت قوات النظام على قرية العبادة في تموز 2013، ولم تسمح للأهالي بالعودة إلى منازلهم حتى منتصف عام 2018، أي بعد شهور من سيطرتها الكاملة على الغوطة الشرقية. وبعد عودة بعض الأهالي إلى العبادة، وجدوا جميع منازلهم وممتلكات المؤسسات الحكومية والخدمية في البلدة مُعفّشة بالكامل، إلى درجة اضطر من عاد من الأهالي، لوضع القماش والبلاستيك، بدلاً من الأبواب والنوافذ. فعلياً، من اضطر للعودة إلى العبادة، فهو يعيش حالياً في ظروف تشبه الحياة في قرية من القرن التاسع عشر. فلا كهرباء في البلدة، ولا تعمل شبكة الماء والصرف الصحي.
وسبق كل ذلك تجريف قوات النظام، في العام 2013، لكامل البيوت الواقعة في تل غريفة المرتفع نسبياً في البلدة، وفجرت منازل تعود لشخصيات معارضة بارزة في القرية، كإجراءات انتقامية، وأحرقت مئات المنازل.
ورغم صغر حجم البلدة إلا أنه يوجد فيها خمسة حواجز رئيسية، ومقرات عسكرية، وتحيط بها ثكنات عسكرية. ويعاني سكان البلدة من تشديد أمني كبير على سكانها، لمنعهم حتى من التواصل مع أقاربهم المهجرين إلى الشمال السوري، حيث ما زال مئات المقاتلين من أبناء البلدة منضوين في صفوف المعارضة المسلحة السورية.