السويداء: هل يعود بدو بلدة القريا؟
زادت خلال الشهور القليلة الماضية العمليات الانتقامية بين مجموعات مسلحة تضم نازحين من بدو بلدة القريا جنوبي السويداء، وبين فصائل البلدة المسلحة من الدروز، وشملت عمليات خطف وقتل وحرق للمحاصيل الزراعية.
نازحون من البدو
المصدر: السويداء 24
وكان يسكن في بلدة القريا ذات الغالبية الدرزية، قبل العام 2011، حوالي 350 شخصاً من أبناء عشائر البدو، أغلبهم يملكون بيوتاً وأراضي في حي كرم الوردة المخدّم بمدرسة ابتدائية وجامع. ولكن، منذ العام 2012 عاش بدو القريا، أكثر من موجة من النزوح والعودة، حتى لم يبق منهم حالياً سوى عائلة واحدة تقيم في البلدة.
في العام 2012 التحق شباب من عشائر بدو بلدة القريا، بفصائل المعارضة المسلحة في ريف درعا الشرقي، وبدأت حينها الملاحقة الأمنية من قبل أجهزة النظام لعائلاتهم، ما تسبب بنزوح قسم منها نحو ريف درعا. في العام 2018، ومع دخول اتفاق المصالحة في درعا حيّز التنفيذ، واستعادة قوات النظام السيطرة عليها، عادت معظم العائلات النازحة إلى القريا، وعادت الحياة إلى طبيعتها. فعلياً، لم يبق حينها من أبناء العشائر خارج البلدة إلا عدد قليل من الشباب المسلحين المشكلين ضمن مليشيا تستقر في محيط مدينة بصرى الشام وتتبع إلى اللواء الثامن من الفيلق الخامس المدعوم روسياً المسيطر على المدينة.
في 27 أذار 2020، اندلعت معركة القريا الأولى بين اللواء الثامن بقيادة أحمد العودة، وفصائل محلية من بلدة القريا على خلفية عمليات خطف متبادلة في المنطقة الحدودية بين بصرى والقريا. وشارك مسلحون من أبناء عشائر بدو القريا في القتال إلى جانب قوات اللواء الثامن ضد جيرانهم الدروز.
وتسببت المعركة بسقوط عشرات القتلى من الدروز، بسبب اختلال موازين القوى العسكرية لصالح اللواء الثامن. وعلى إثر ذلك، وتخوفاً من حدوث أعمال انتقامية من ذوي الضحايا الدروز، نزح جميع أبناء عشائر بلدة القريا إلى ريف البلدة الغربي المتاخم لبلدة بصرى الشام، واستقروا فيها مؤقتاً لأيام. وبعد ذلك، نزح قسم منهم إلى بلدات ريف درعا الشرقي، في حين فضل قسم آخر نصب الخيام والاستقرار في أراضي بلدة القريا الغربية. القسم الأكبر من عشائر بدو القريا نزح إلى بلدة خربا جنوب غربي السويداء والتي تسيطر عليها مجموعات مسلحة تابعة للواء الثامن.
وكان يقطن بلدة خربا، التابعة إدارياً للسويداء، أغلبية مسيحية، قبل أن تسيطر عليها فصائل المعارضة المسلحة السُنيّة في درعا، في العام 2014. وهجر حينها المسيحيون البلدة وظلت شبه خاوية تحت سيطرة أمنية من فصائل المعارضة. وبعد ذلك، سيطر اللواء الثامن على البلدة الخالية ما بين العامين 2018-2020. ولكن، لم يمضِ على وجود نازحي عشائر القريا في قرية خربا وقت طويل، حتى جرت تسوية بين أهالي خربا واللواء الثامن، في 2 أيار 2020، وقضى بخروج النازحين من القرية، وعودة أهلها الأصليين النازحين عنها. فانتقل نازحو العشائر من خربا إلى مخيم في منطقة خربة الكوام ضمن أراضي بلدة القريا الإدارية.
واستقر في مُخيّم خربة الكوام قرابة 200 شخص من عشائر بدو القريا، وفي غضون أشهر توسع المخيم ليضم نازحين من مناطق أخرى منها بادية السويداء الشرقية. وبدأت عملية تجنيد بعض أبناء العشائر النازحين إلى المخيم، في مجموعات مسلحة يعمل بعضها لصالح الفرقة الرابعة من قوات النظام. وبدأت تلك المجموعة مناوشات مسلحة مع فصائل بلدة القريا المحلية، ونفذت عمليات خطف وقتل ضد فلاحين من بلدة القريا يعملون في أراضيهم غربي البلدة. وتتواصل التعديات بين تلك المجموعة المسلحة وأهالي بلدة القريا، وشملت حرقاً للمحاصيل الزراعية، وعمليات قنص وقتل وخطف.
وقد حاولت وجاهات أهلية من السويداء ودرعا، إيجاد حلول للخلاف بين العشائر وأهالي بلدة القريا. كما تدخل مركز المصالحة الروسية في الجنوب السوري في الموضوع وأجرى وفد منه زيارات بين الطرفين. وتم التوصل لاتفاق مبدئي، بين العشائر وأهل القريا، بعودة العشائر إلى منازلهم في بلدة القريا، ما عدا عائلتين منهم تسببت مشاركة أبناؤهما بالمعارك بسقوط قتلى من أهالي القريا. الجانب الروسي، ولسبب غير مفهوم، رفض ذلك الشرط المقدم من أهالي بلدة القريا، وطالب بعودة العشائر من دون أي شروط. وبناء على ذلك، رفض وجهاء بلدة القريا حضور اللقاء التصالحي في مركز المصالحة الروسي بدمشق والذي كان مقرراً عقده نيسان 2021.