السويداء: صدام مسلح محتمل يثير مخاوفاً حول حقوق السكن، الأرض والملكية
ألقت تهديدات محتملة باستخدام القوة بين أطراف عسكرية متصارعة في قرية شرقي السويداء الضوء على هشاشة أوضاع حقوق السكن، الأرض والملكية في المنطقة. كما أشارت الحادثة إلى أن الشرائح الاجتماعية الأكثر ضعفاً هي المعرضة بشكل أكبر لخسارة تلك الحقوق.
وكانت قوات الدفاع الوطني الرديفة لقوات النظام، قد هددت في منتصف كانون الأول 2021 باقتحام قرية الحريسة على تخوم البادية شرقي محافظة السويداء. وجاء تصعيد الدفاع الوطني، لطرد مجموعة مسلحة تطلق على نفسها اسم “قوة مكافحة الإرهاب” من القرية. وترافق ذلك مع إعادة انتشار أمنية وعسكرية لقوات النظام في محافظة السويداء. إلا أن التخوف من التصعيد العسكري دفع أبرز قادة “قوة مكافحة الإرهاب” في القرية لإعلان انسحابه من القوة، مطلع كانون الثاني 2022. ونجح ذلك بخفض حدة التصعيد العسكري المحتمل، وفي عودة الهدوء نسبياً إلى القرية.
وسبق ذلك محاولات من الدفاع الوطني لحث الأهالي على طرد “قوة مكافحة الإرهاب”، ومنها مثلاً إقامة الحواجز وتفجير قذائف في الجو لنشر الرعب بين الأهالي. إحدى قذائف الهاون التي أطلقتها الدفاع الوطني في 19 تشرين الثاني أصابت منزلاً في القرية وتسببت بتدميره جزئياً. ونتيجة ذلك، قامت “قوة مكافحة الإرهاب” باستنفار قواتها، ما حوّل القرية إلى منطقة عسكرية، غادرها بعض الأهالي إلى مدينة السويداء والقرى المجاورة.
وضمن تلك الأوضاع المتوترة، تعرض تجمع يضم أكثر من 20 عائلة من عشائر البدو، يقطنون الخيام شرقي الحريسة، لإطلاق نار عشوائي، من دون وقوع إصابات. وتسبب ذلك بتهجير تلك العائلات إلى بلدة القسطل في عمق البادية. ويعمل البعض من أولئك البدو برعي قطعان الماشية التي تعود ملكية بعضها لأهالي قرية الحريسة. وانعكس تهجير العشائر سلباً على سكان الحريسة، حيث باتوا يتحاشون الذهاب إلى أراضيهم شرقي البلدة تخوفاً من ردود فعل قد يقوم فيها البدو المُهجرين من مراعيهم.
ورغم تراجع احتمال الصدام العسكري في الحريسة، لم تعد حتى اليوم عشائر البدو إلى المنطقة. ويؤثر ذلك على اقتصاد القرية المعتمد بشكل كبير على تربية الماشية والزراعة.
وتأسست “قوة مكافحة الإرهاب” قبل بضعة أشهر وانتشرت بسرعة في كثير من المناطق في السويداء، قبل أن يتراجع حضورها مؤخراً إلى بضعة مواقع في ريف السويداء الشرقي. وتُعرّفُ القوة عن نفسها بأنها مستقلة تعمل على سد الفراغ الأمني. ولكن، قوات الدفاع الوطني، وجميع عناصرها من أبناء السويداء، اتخذت موقفاً عدائياً من “قوة مكافحة الإرهاب” منذ تأسيسها، واتهمتها بتلقي الأموال من الخارج والتآمر على ما تسميه بالوحدة الوطنية. في حين تتهم “مكافحة الإرهاب” الدفاع الوطني بالتبعية لحزب الله اللبناني.