الدولة السورية تبجّل أم الشهيد ووالده، لا زوجته
رغم تحملها صعوبات المعيشة، خلال السنوات الماضية من الحرب وما بعد النزاع، ما زالت المرأة العلوية تفتقد للاعتراف بحقوقها الأساسية في الملكية والسكن. والملفت، أن ذلك يشمل حتى النساء اللواتي تحمّلن القسط الأوفر من ضرائب الحرب، كأرامل المقاتلين في صفوف قوات النظام.
رولا، أرملة ضابط في قوات النظام قُتل على رأس عمله في العام 2014، تاركاً لها طفلة صغيرة. تقول رولا، لمراسلة سيريا ريبورت، إن معاملة أهل زوجها، لها ولابنتها الصغيرة، قد تغيرت كلياً بعد استشهاده مباشرة. إذ سرعان ما بدأت العائلة الضغط على رولا، للتخلي عن نصيبها من التعويض المالي الذي تمنحه الدولة للضباط القتلى خلال الأعمال الحربية، وهو بقيمة مليون ونصف ليرة سورية. العائلة، تقاسمت التعويض، ولم تترك لرولا وابنتها شيئاً.
ولم يكن ذلك، سوى المقدمة فقط في الانتزاع التدريجي لحقوق رولا. إذ أصرت العائلة على طرد، المرأة الأربعينية، من المنزل الذي تسكنه وابنتها في إحدى ضواحي العاصمة دمشق. العائلة تذرعت بحاجتها للمنزل، المسجل باسم والد زوجة رولا. واضطرت رولا، التي تعمل في مجال التدريس، للسكن وابنتها، مؤقتاً في منزل أخيها بدمشق، قبل أن تنتقلا لاحقاً إلى منزل والدها في اللاذقية. رولا، اضطرت أيضاً لنقل مكان وظيفها إلى اللاذقية.
عائلة زوج رولا لم تكترث كثيراً بالطفلة، لأنها فتاة لا تحمل اسم العائلة. الملفت أكثر، أن العائلة أبدت حرصها على الطفلة فقط عندما طالبت رولا بحقوقها، فطرحت العائلة فكرة نزع حضانة الطفلة من أمها. كان ذلك الاهتمام المفاجئ بحضانة الطفلة، بحسب ما ترويه رولا، فقط لتهديدها بعدم المطالبة بحقوقها، والتنازل صراحة عن حصتها في كل التقديمات التي تمنحها الدولة لذوي الشهداء، من مساعدات مالية أو سلل غذائية، أوحتى راتب الزوج.
قصة رولا لا تمثل حالة فردية، بل هي حالة كثير من النساء العلويات من أرامل المقاتلين في قوات النظام. لا بل أن قصص احتواء عائلة الزوج للأرامل والاعتراف بحصصهن من ميراث الزوج والتقديمات الحكومية لذوي الشهداء، تعتبر الاستثناء.
مصدر مطلع على آلية تقديم المساعدات الحكومية لذوي الشهداء، قال لمراسلة سيريا ريبورت، إن الدولة تُشجّع على ترسيخ الهيمنة الذكورية والعائلية، وإهمال زوجة الشهيد، لأن الأولوية في تقديم المساعدات تكون للأم والأب، وبعدهما الزوجة والأولاد. إذ تُبجّل الدولة أم الشهيد وأبيه، وتخصهما بالامتيازات. وبذلك، تتقاسم كامل العائلة تلك التقديمات. وتشوب الفوضى طريقة توزيع المساعدات العينية والمالية، إذ يستلمها من يسبق بالحضور. وفي هذا، يتم إدراج أسماء جميع أفراد العائلة، واعطائهم حق استلام المساعدات بشكل رسمي.
ريم أرملة ثلاثينية من طرطوس، كانت تدرس في الجامعة، ولم تحظ بوظيفة بعد، عندما قُتل زوجها خلال خدمته العسكرية الاحتياطية في العام 2012. ريم لم تنجب خلال زواجها القصير، ولكنها واجهت صعوبات كثيرة بعد مقتل زوجها الذي كان يملك متجراً صغيراً.
عائلة زوج ريم، تخلت تماماً عنها، بحسب ما روته لمراسلة سيريا ريبورت. العائلة طردت ريم من منزل زوجها الشهيد، ومنعوها من الاقتراب من متجره. وبعد جدل طويل، وافقت العائلة على منح ريم حصة من أرباح المتجر، وحصة من راتب زوجها. واستمر تنفيذ ذلك الاتفاق لشهرين فقط، قبل أن تتوقف العائلة عن الدفع. تقول ريم إنها غير قادرة على توكيل محام لإنجاز معاملة حصر الإرث، كما أنها تخشى انتقام عائلة زوجها قوية النفوذ في طرطوس. تضيف ريم: حتى الوظيفة التي تمنحها الدولة لذوي الشهداء كانت من حصة أخت زوجي، بذريعة أن لا أولاد لي، وقد أتزوج شخصاً آخر في يوم ما!