الدفاع الوطني في حي الزهراء الحمصي: استيلاء بالغصب على العقارات
مع بداية ثورة العام 2011، انحاز معظم سكان حي الزهراء الحمصي، إلى صف النظام وانخرط كثير منهم في ميليشيا الدفاع الوطني. واتخذت الميليشيا من الزهراء منطلقاً عسكرياً لمهاجمة الأحياء المنتفضة المجاورة مثل البياضة وكرم الزيتون. أيضاً، ضيّقت الميليشيا على سكان الزهراء، واستولت على منازل كثير منهم بعد نزوحهم عنها.
ويقع حي الزهراء شرقي مدينة حمص، وهو عشوائية نشأت في السبعينيات على أراض زراعية غير مسموح بالبناء فيها. وفي الحي أقلية من عشائر البدو السنّة من سكان المنطقة تاريخياً، وغالبية علوية مهاجرة من ريف حمص إلى المدينة. ومعظم العلويين من سكان الحي هم من ذوي الدخل المحدود والموظفين العاملين في مؤسسات الدولة والأجهزة الأمنية والعسكرية.
شهد الحي في الثمانينيات انتشاراً واسعاً للتنظيمات اليسارية، وتخفى فيه أعضاء من رابطة العمل الشيوعي المعارضة الملاحقين من الأجهزة الأمنية. والرابطة هي تنظيم شيوعي معارض للنظام نشط في الثمانينيات، ومعظم أعضاءه من أبناء الأقليات، طلاب الجامعات، ومنتسبي القوات المسلحة. تعرض كثير من أعضاء التنظيم للملاحقة والتعذيب والسجن لسنوات كثيرة.
ومثل معظم العشوائيات في سوريا، عاني حي الزهراء من غياب الخدمات الحكومية؛ تردي وضع شبكات الكهرباء، الماء والصرف الصحي، وغياب الخدمات البلدية والصحية. ولكن، منذ العام 2011 بدأت الأوضاع بالتغيّر نسبياً في الحي. إذ نشطت حركة البناء، وكان محركها عناصر ميليشيا الدفاع الوطني الذين اغتنوا من عمليات التعفيش التي خاضوها ضد الأحياء المجاورة. كما بدأ الحي يحظى باهتمام حكومي، رداً للخدمات العسكرية التي قدمها أبناؤه. فتم تزفيت الشوارع، وتنظيم المواصلات.
في ديسمبر 2012، وقعت جريمة خطف وقتل لأربع ممرضات علويات ورميهن في ساحة حي الزهراء. وعلى أثر ذلك، نفذت ميليشيا الدفاع الوطني مجزرة راح ضحيتها 40 شخصاً سنيّاً من الحي. وعلى إثر ذلك نزح آخر من تبقى من السكان السنّة في الحيّ، وأيضاً المعارضين العلويين للنظام. ميليشيا الدفاع استولت بالغصب على منازل الغائبين الذين نزحوا عن الحي. وغصب العقار هو الاستيلاء على ملك الغير دون رضاه، أو وضع اليد على ملك الغير دون توفر سند قانوني بالملكية أو وجود سبب مشروع.
سعاد، امرأة سنية، كانت تعيش مع والدتها، في بيتهم في الحي عند اندلاع الثورة. والمنزل هو بناء مخالف بناه والد سعاد، قبل بضعة عقود. والد سعاد المتوفى كان متطوعاً في الجيش السوري، والمنزل محاط ببيوت المعارف والأصدقاء من زملائه القدماء في الجيش. الخوف من وقوع جرائم ذات طابع طائفي، دفعت سعاد وأمها لترك المنزل، وسرعان ما استولت عليه مليشيا الدفاع الوطني. في العام 2015، استعانت سعاد بالشرطة، حتى تمكنت من استعادة منزلها. ولكنها، فضّلت ببيعه بسعر قليل، والسكن في مكان آخر.
المضايقات لم تقتصر فقط على السنة، بل طالت أيضاً علويين معارضين للنظام. سعيد أربعيني علوي، ترك منزله في الزهراء بعد خلافه مع عناصر من مليشيا الدفاع الوطني، على إثر مجزرة العام 2012 في الحي. وبسبب موقفه الرافض لرد الفعل الانتقامي، تعرض منزل سعيد للقذف بالحجارة. وتحسباً لوقوع الأسوأ، ترك سعيد منزله، واستأجر في حارة مجاورة. وبعد فترة قصيرة أشرفت المليشيا على تسكين عائلة أحد قتلاها في منزل سعيد في الزهراء.
يقول سعيد لمراسل سيريا ريبورت في المنطقة، بأنه تردد مراراً على منزله بعد توقف الأعمال القتالية في العام 2014، وتكلم مع العائلة التي تقطنه وطلب منها إخلاءه، من دون نتيجة. وفقط بعد تقديم شكوى إلى الشرطة، مرفقة بوثائق تثبت ملكيته للمنزل، تمكن من استرجاع منزله. ولأن لا سندات ملكية للمنازل في العشوائيات، فالوثائق تتضمن غالباً عقداً بشراء أرض زراعية أو أسهم فيها، موثقة لدى الكاتب بالعدل، أو حكم محكمة، وما توفر من فواتير كهرباء وماء وهاتف.
الانتهاكات طالت أيضاً عناصر في المليشيا. علي، من عشائر بدو حي الزهراء، ومنتسب لمليشيا الدفاع الوطني. علي، قُتِلَ في مشاجرة مع شخص من عشائر البدو أيضاً منتصف العام 2013، بسبب خلاف شخصي. وبسبب الحادثة، تلقت عائلة علي تهديداً لمغادرة الزهراء. وبعد نزوح العائلة إلى حي آخر في مدينة حمص، سكنت منزلهم عائلة أخرى بدعم من الدفاع الوطني.
تعديات الدفاع الوطني طالت أيضاَ ضابطاً علوياً على رأس عمله. في العام 2014 نفذت قوات الأمن حملة اعتقالات بحق عناصر من الدفاع الوطني في الزهراء، باتهامات متعددة تضمنت الاتجار بالمخدرات، والسرقة، وتشكيل عصابات أشرار، والقيام بجرائم خطف لأجل الفدية. وعلى إثر ذلك، لجأت عائلة أحد الموقوفين إلى ضابط علوي من حي الزهراء، للتوسط للإفراج ابنهم الموقوف. ولأن الضابط رفض التوسط للعائلة، فقد تعرّض لمحاولات ترهيب، كان آخرها إلقاء قنبلة على منزله. ولذا، قرر الضابط النزوح من الحي.