الحياة تحت سقف الخطر في إدلب
رغم الأخطار المحدقة التي تركها الأثر غير المباشر للقصف الجوي السابق على المناطق المعمورة، وبالتالي على حقوق السكن، الأرض والملكية، فإن هذه المشكلة لم تدرس بشكل جدي بعد.
في 9 شباط، قتل 4 أشخاص بينهم 3 أطفال في انهيار منزل من طابقين على أطراف مدينة إدلب. والمنزل المنهار كان قد تضرر سابقاً بشكل غير مباشر من القصف الجوي الروسي على المنطقة، ورغم ذلك فقد ظل سكانه يقطنونه لانعدام البدائل.
في مطلع شباط أيضاً، انهار بناء في مزرعة أبقار في بلدة منطف، وقبل أشهر قُتِلَ شخص نتيجة انهيار سقف عليه في مدينة الدانا، وقبلها قُتِلَ طفلَ في بلدة الجينة غربي حلب في انهيار منزل يقطنه وعائلته، وفي تشرين الثاني 2020 قتل شخص بعد سقوط سقف المنزل عليه في جبل الزاوية جنوبي إدلب، وقبله بأيام أصيب 5 أشخاص نتيجة انهيار منزلهم في سهل الغاب.
وجميع تلك الانهيارات تعود إلى أضرار غير مباشرة على الأبنية بسبب قصف سابق بالصواريخ الارتجاجية والفراغية على المناطق المعمورة. وتعد بعض القنابل الروسية المُخصصة لاختراق التحصينات الخرسانية من أكثر مصادر الخطر على الأبنية نتيجة تأثيرها الشديد على التربة والأرضيات. وبعض الأضرار قد تكون غير مرئية تطال أساسات المنازل. في حين قد يتسبب الاهتزاز العنيف بحدوث أضرار مرئية كالتشققات في الجدران والاعمدة والسقوف.
وتتناسب الأضرار غير المباشرة مع قوة الانفجار والقرب منه، وأحياناً تتراكم تلك الأضرار مع تكرار القصف ما قد يتسبب بانهيار البناء فجأة. كما أنه من الممكن ظهور تلك الأضرار على الأبنية بعد فترة من حدوثها. وفي كل الحالات، يتوجب تنفيذ دراسة هندسية لبناء ما لتقدير خطورة تلك الأضرار. ويمكن لدراسة مماثلة أن تخلص إلى ضرورة إعادة بناء الجدران، أو إعادة بناء القسم المتضرر، أو حتى إعادة البناء بشكل كامل.
وتعتبر مناطق التماس بين قوات المعارضة والنظام، جنوبي إدلب، من أكثر المناطق التي تعرضت فيها الأبنية، وما تزال، لأضرار القصف غير المباشرة. والمنطقة ريفية، ونسبة كبيرة من منازلها قديمة مبنية من الحجر والطين. في حين أن البناء الحديث في المنطقة عشوائي في أغلب الأحوال ومن دون ترخيص. إذ أن نسبة كبيرة من المنازل مبنية من دون إشراف هندسي، ولا مراعاة لقواعد السلامة الإنشائية. كما أن تلك الأبنية غالباً ما تفتقد للعزل الحراري والمائي ما يعرض أساساتها للتآكل والصدأ، وهو ما يزيد من احتمال تعرضها لمخاطر القصف غير المباشر.
كثير من السكان يضطرون للبقاء في منازلهم المتضررة، رغم علمهم بالمخاطر المحدقة بسبب عدم توفر البدائل. فالانتقال إلى بيوت سليمة تعني تحمّل تكاليف إيجار مرتفعة، في حين أن تكاليف الترميم تبدو خارج متناول كثير من السكان.