الحجر الأسود: عودة خجولة واستمرار التعفيش
تمكنت 40 عائلة فقط من العودة إلى منازلها في مدينة الحجر الأسود، ولا تزال المدينة شبه مهجورة حتى اللحظة، والأنقاض تغطي مساحات واسعة منها وسط غياب للخدمات الرئيسية فيها.
في كانون الثاني 2022 أعلنت بلدية الحجر الأسود عما وصفته بـ”تسهيلات” للراغبين بالعودة إلى المدينة. ومن التسهيلات، الاستعاضة عن وثيقة الملكية عن المنزل المطلوب العودة إليه، بفاتورة كهرباء أو ماء مدفوعة، بالإضافة إلى شهادة من المختار يُفيد فيها بمعرفة صاحب\ة المنزل. ولكن، بعض أصحاب الحقوق لم يستفيدوا من هذه التسهيلات مثل مالكي الأراضي، أو الأبنية غير المنجزة “على الهيكل” ممن لم يسبق لهم الاشتراك بشبكة الكهرباء أو الماء.
في منتصف شباط 2022، قال رئيس بلدية الحجر الأسود إن عدد العائلات التي تقدمت بطلب للعودة إلى منازلهم حوالي 1350 عائلة، وقد تمت الموافقة على دخول 300 عائلة منها، ومن عاد فعلياً نحو أربعين عائلة.
ويجدر هنا التوضيح بأن العودة إلى المدينة ما زالت محصورة بحيي تشرين والثورة، بينما بقية الأحياء ما زالت مهجورة مملوءة بالأنقاض.
وكان مجلس مدينة الحجر الأسود، قد استأنف في أيلول 2021، استلام طلبات النازحين بالعودة إلى المنطقة. ويتوجب على الراغب\ة بالعودة، تحقيق مجموعة معقدة الشروط قبل الحصول على الموافقة النهائية بالعودة. ومن الشروط: تعبئة استمارة وارفاقها بوثائق تثبت ملكية العقار المطلوب العودة إليه، بالإضافة إلى إخراج قيد عائلي، وصور عن البطاقات الشخصية لأفراد العائلة. وبعد ذلك، تتم دراسة الملف من قبل الأجهزة الأمنية، والتي تُصدر موافقتها أو رفضها. وفي حال الموافقة الأمنية، تقوم لجنة فنية من البلدية بالكشف على البناء وتقييم الأضرار فيه. وفي حال كونه صالحاً للسكن، يتوجب على صاحب العقار التقدم بطلب للحصول على إذن لترميم البناء من البلدية. وبعدها، تصدر الموافقة النهائية بالعودة.
وما زالت بعض العقبات تحول دون عودة بقية السكان، وأبرزها التأخير الكبير في الحصول على الموافقة الأمنية، من دون معرفة الأسباب. وبعض الذين حصلوا على الموافقة النهائية بالعودة لم يعودوا بسبب المدارس المغلقة. إذ أنه حتى اللحظة، لم تفتح المدارس أبوابها رغم تصريحات مسؤولي البلدية في وقت سابق عن إعادة تأهيل ثلاثة منها. كما أن الأنقاض ما تزال تغلق بعض الشوارع في حيي تشرين والثورة ضمن مدينة الحجر الأسود، رغم أن البلدية أعلنت سابقاً الانتهاء من إزالتها.
محمد، أحد سكان الحجر الأسود قال لمراسل سيريا ريبورت، بإنه حصل نهاية العام 2021 على الموافقة الأمنية للعودة إلى منزله المتضرر جزئياً، وتقدم بطلب للحصول على إذن ترميم من البلدية. لكن، للحصول على إذن الترميم يتوجب عليه دفع 500 ليرة مقابل كل متر مربع من مساحة البناء، وهو ما دفعه للتريث في العودة.
أما نضال، الذي يملك منزلين في حي تشرين التابع للحجر الأسود، فقد قال لمراسل سيريا ريبورت، إنه تقدم بطلب للعودة مع جميع الأوراق المطلوبة، وحصل على الموافقة الأمنية، وبعد ذلك كشفت اللجنة الفنّية على العقارين، ووجدت أنهما صالحان للسكن. ومع ذلك، ما زال نضال ينتظر منذ ثلاثة شهور الحصول على الموافقة النهائية للعودة.
وتقع مدينة الحجر الأسود بمحاذاة مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، وهي مدينة ومركز ناحية تتبع إدارياً لمحافظة ريف دمشق. وكان يسكنها قبل العام 2011 نحو نصف مليون نسمة، نسبة كبيرة منهم من نازحي محافظة القنيطرة في أعقاب حرب العام 1967 واستيلاء إسرائيل على هضبة الجولان. وقد تعرضت المدينة لدمار شديد خلال فترة سيطرة المعارضة عليها بين العامين 2012-2018، نتيجة القصف الجوي المكثف والعمليات القتالية على الأرض. وقد تم إخلاء آخر سكانها مع سيطرة قوات النظام عليها في العام 2018.
وتعيش العائلات الـ40 العائدة إلى المدينة في ظروف سيئة، بلا ماء أو كهرباء، ووسط ضعف في تغطية شبكة الاتصالات الخلوية. حتى شبكة الصرف الصحي التي أعلنت بلدية الحجر الانتهاء من إصلاحها في حيي تشرين والثورة ما زالت لا تعمل.
مراسل سيريا ريبورت نقل عن مصادر أهلية، أن عمليات التعفيش ما زالت متواصلة في المدينة، على نطاق ضيق. ويقوم بالتعفيش حالياً ورشات صغيرة محسوبة على فرع الأمن العسكري، الذي تقع الحجر الأسود تحت سيطرته أمنياً. وتقوم تلك الورشات بهدم أسقف بعض المنازل وسحب الحديد منها. المصادر أشارت إلى تعفيش تلك الورشات لخمسة عواميد إنارة تعمل على الطاقة الشمسية من أصل 40 عاموداً، كانت منظمة الإسعاف الأولي الدولية، قد أقامتها في وقت سابق من العام 2021.