البحارية: لا بيوت للعائدين
أعداد كبيرة من أهالي قرية البحارية الأثرية في الغوطة الشرقية لم يتمكنوا من العودة بعدما اكتشفوا أن لا بيوت يعودون إليها، وأن أجزاءً كبيرة من قريتهم قد أزيلت عن سطح الأرض.
المصدر: سيريا ريبورت
وكان يقطن البحارية قبل العام 2011 حوالي 700 عائلة، ولم يكن لها بلدية خاصة بها قبل العام 2011، بل كانت تابعة إدارياً لبلدية قرية الجربا المجاورة. وكانت القرية تضم مقراً لمحطة البث الإذاعي، ومحطة قطار البحارية، ومحطة تحويل كهرباء. ويحاذيها من الشرق معسكر الشبيبة ومركز الفروسية واللواء 22 وساحة المظليين. والقرية أثرية بامتياز، وفيها تل البحارية الذي يعود تاريخ السكن فيه إلى الألف السادسة قبل الميلاد وفق مديرية الآثار والمتاحف، ويعد من أقدم المناطق المأهولة في المنطقة. ومن الآثار القديمة في البلدة جامعها القديم، ومجموعة أنفاق قديمة تصل البلدة بالتل.
قوات النظام سيطرت على البحارية منتصف العام 2013، وبحلول العام 2014 كانت قد استكملت تفجير غالبية المنازل وتجريفها، تاركة فقط شريطاً من العمران في الشمال والغرب. واستخدمت قوات النظام ذلك الشريط للحماية من قصف قوات المعارضة، فتعرّض لأضرار كبيرة.
مراسل سيريا ريبورت في المنطقة أشار إلى أن المنطقة الممسوحة بالكامل هي دائرة قطرها كيلومتر واحد تقريباً تكاد تشمل كامل القرية، وقد تم تجريف وترحيل الأنقاض من مساحة كبيرة تقريباً من الدائرة. وقد تسببت عمليات الهدم والتجريف إلى ضياع كلّي في حدود العقارات ومساحاتها.
ومنذ العام 2018 حتى اليوم، عادت إلى البحارية 30 عائلة فقط ما زالت بيوتها قابلة للسكن في منطقة الشريط العمراني المتبقي في البلدة والمتضرر بشدة. وسُمح لتلك العائلات بإعادة ترميم بيوتها، بمواد بدائية لا تتضمن الاسمنت والحديد. ويمنع على العائدين حتى الاستفادة من أنقاض المنازل المكومة في البلدة.
إزالة معظم عمران القرية لم يمنع محكمة الإرهاب من اصدار أحكامها بمصادرة أملاك معارضي النظام منها، وتسربت لوائح باسماء المُصادرة أملاكهم، ضمت العشرات من أهل البلدة، مُهجّرين أو أموات، ما منع ذويهم من التصرف بها.
وتعتبر فرقة حزب البعث في البحارية صاحبة السلطة الأعلى في القرية، ولكنها تتخذ مقراً لها في بلدة النشابية المجاورة، لعدم وجود مكان صالح لها في القرية. وتمنع الفرقة الحزبية الأهالي من البحث بين الأنقاض، عما يمكن إعادة تدويره للاستفادة منه في تأهيل بيوتهم. في حين تسمح الفرقة للناس باستثمار أراضيهم الزراعية، باستثناء المنطقة الشرقية بمحاذاة نادي الفروسية واللواء 22 والتي صارت تعتبر عسكرية.
وتمنع الفرقة الحزبية الأهالي من ترسيم حدود منازلهم متذرعة بالتعليمات الأمنية وفقدان نقاط العلام، أو أن منازلهم غير مسجلة في السجل العقاري أصولاً. وكانت أجزاء واسعة من القرية تعتبر مناطق مخالفات بسبب إقامتها على أملاك عامة. ورغم أن هذه الحالة شائعة في سوريا قبل العام 2011، إلا أن مخططاً تنظيمياً لم يسبق أن صدر للبحارية ما كان سيسهل حل مشكلة المخالفات فيها. إذ غالباً ما تتم عملية نقل الملكية المسجلة على الشيوع ضمن أملاك الدولة، بعد صدور المخطط التنظيمي، إلى ملكية الوحدة الإدارية والتي تقوم بدورها ببيعها لأصحاب العقارات.
لا يوجد في البحارية حالياً أي خدمات من كهرباء وماء شرب وصرف صحي واتصالات أرضية. ويشتري الناس حاجياتهم الأساسية من بلدة النشابية.