الإدارة الذاتية وتعويض متضرري الاستملاك
عندما تستملك جهات تابعة للإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا أراضي خاصة بغرض النفع العام، فإنها تقوم بالتعويض على أصحاب الحقوق، فقط إن طالبوا بحقوقهم. ويساهم في ذلك عدم وجود قانون خاص بالاستملاك لدى الإدارة الذاتية ولا هيئات خاصة تقوم بتنظيمه. الأمر ذاته ينطبق على حدوث ضرر في العقارات أو الأراضي نتيجة المجهود الحربي أو الأمني لقوات سوريا الديموقراطية.
في البداية يجب على صاحب الأرض أو العقار تقديم شكوى لإحدى اللجان الزراعية العقارية الفرعية المنتشرة في مدن وبلدات مقاطعة الجزيرة السورية. وتلك اللجان الفرعية تتبع للجنة الزراعية العقارية العامة، التابعة بدورها لوزارة الزراعة لدى الإدارة الذاتية والمسماة “هيئة الزراعة”. وفي هذه اللجان قضاة تعينهم وزارة العدل “هيئة العدل”. وتفصل هذه اللجان في المنازعات المتعلقة بالأراضي الزراعية والعقارات خارج المخططات التنظيمية للمدن. وتقوم اللجنة تقوم بدراسة الشكوى، وتصدر قراراتها بالتعويض أو عدمه، وتكون ملزمة للبلديات التابعة للإدارة الذاتية. كما يمكن للمتضرر أن يرفع دعوى أمام محاكم الشعب التابعة للإدارة الذاتية، والتي تصدر بدورها قراراً بالتعويض، ويكون ملزماً للبلديات.
استملاكات لأغراض عسكرية
في العام 2016، وأثناء القيام بتوسعة قاعدة تل بيدر العسكرية في مدينة تل تمر بريف الحسكة، استملكت بلدية تل تمر أراضي خاصة. وتتألف القاعدة من مطار ومقرات تدريب ومستودعات، وترابط فيها قوات اميركية، وقوات سوريا الديموقراطية. وبعد تقديم أصحاب تلك الأراضي شكاوى وطلبات تعويض إلى اللجنة الزراعية العقارية في تل تمر، صدر قرار بتعويضهم. ولعدم وجود قانون استملاك لدى الإدارة الذاتية، تم التعويض بطريقة أشبه بالإيجار غير المحدد بمدة، بقيمة سنوية تعادل عوائد المواسم الزراعية الخصبة. ولكن، ليس بحوزة أصحاب الأراضي، لا عقود إيجار ولا قرار باستملاك أراضيهم.
وكذلك الأمر، خلال أعمال توسعة مطار سلمان بك الزراعي في مدينة عامودا بريف الحسكة في العامين 2014-2015، والذي تشغله حالياً قوات سوريا الديموقراطية لأغراض عسكرية. استملكت بلدية عامودا أثناء التوسعة عقارات مدنيين محيطة بالمطار، وعوضتهم بموجب قرارات اللجنة الزراعية العقارية العامة، بدفع إيجار سنوي لهم.
تضرر العقارات لأسباب عسكرية وأمنية
تضررت عقارات خاصة لأسباب تتعلق بالمجهود الحربي أو الأمني الذي تقوم به قوات سوريا الديموقراطية، في كثير من المناطق الحدودية في محافظة الحسكة
بعض المزارعين تقدموا بطلب تعويض عن تضرر الموسم الزراعي خلال عامي 2019-2020 نتيجة حفر قوات سوريا الديموقراطية لخنادق وأنفاق تحت أراضيهم الزراعية. ولكن، رفضت اللجنة العقارية العامة تعويض أولئك المزارعين، مدعية أن تلك القوات ستقوم بردم الحفر وبالتالي فالضرر غير دائم. ومع ذلك، قام أولئك المزارعون لاحقاً بردم الحفر على حسابهم بعدما تنصلت قوات سوريا الديموقراطية من الأمر.
حفر الأنفاق لغايات أمنية وعسكرية أثر سلباً على أساسات المنازل في قرى الشريط الحدودي السوري-التركي، وفي أحياء الهلالية والغربية شمالي مدينة القامشلي. وظهرت تصدعات في الجدران، ما أثار مخاوف السكان. ولم تستجب الوحدات الإدارية “الكومينات” للمطالبات بالتعويض.
الاستملاكات القديمة
ترفض بلديات الإدارة الذاتية طلبات التعويض عن الاستملاكات القديمة التي حدثت قبل العام 2014، وتقول بأن البلديات التابعة لوزارة الإدارة المحلية في حكومة دمشق هي الملزمة بدفع التعويض للمتضررين. والسلطات البلدية التابعة لحكومة دمشق ما زالت فاعلة في مناطق الإدارة الذاتية، لكنها محدودة المهام والميزانيات، وتقوم بشكل رئيسي بتصديق الوثائق الصادرة عنها في السابق.
على سبيل المثال، تقدم بعض أصحاب العقارات المستملكة في العام 2002 في عامودا، بدعوى في العام 2019 أمام قضاء الإدارة الذاتية، بعدما رفضت بلدية الشعب في عامودا تعويضهم. وردت المحكمة بدورها دعاويهم موضوعاً لأن الاستملاك حصل في عهد حكومة دمشق، التي كان يجب أن تدفع التعويض للمتضررين، بحسب تبرير المحكمة.