الإدارة الذاتية: قانون لحماية أملاك الغائب أم مصادرتها؟
بعد أسبوع واحد على إعلانه، وإثر اعتراض شعبي واسع، أصدر المجلس العام للإدارة الذاتية القرار رقم 3 القاضي بوقف تنفيذ القانون رقم 7 المعني بحماية وإدارة أملاك الغائب. وعلى أن تتم إعادة النظر بصياغته من جديد. الإدارة أوحت بأن وقف تنفيذ القانون جاء بسبب التداعيات التي يمكن أن تحصل من جراء تطبيق القانون و”الناجمة عن سوء فهمه والاختلاف في تفسير مواده”.
وكانت الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق سوريا، قد سنت قبل أسبوع، ما قالت إنه قانون جديد يخص أملاك الغائبين، ما أثار اعتراضات من خصوم الإدارة السياسيين بذريعة أن القانون قد يُستخدم لإضفاء الشرعية على مصادرة ممتلكات الغائبين والمهجرين قسرياً.
القانون صدر عن المجلس العام للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، الذي يقوم بمهام السلطة التشريعية في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية الكردية. ويتكون المجلس العام من 70 عضواً غير منتخب، بل تقوم الإدارة الذاتية بتعيينهم.
وبدا وكأن القانون رقم 7 يناقض الميثاق الأساسي للإدارة الذاتية، الذي يعتبر بمثابة الدستور لها، والذي يؤكد أن حق الملكية مصان لجميع الأشخاص.
التصرف بأموال الغائب، وفق المادة الأولى من القانون، يكون من خلال تشكيل المجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية لجنة مهمتها حصر أملاك الغائبين، وإدارتها. والمجلس التنفيذي يقوم بمهام السلطة التنفيذية في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية.
وبحسب القانون، تتألف اللجنة من 11 شخصاً، تضم جميع مكونات شمالي وشرقي سوريا، ويشرف عليها قيّمان يعينهما المجلس التنفيذي، يراقبان عمل اللجنة إدارياً ومالياً، بالإضافة إلى متابعة الدعاوى والشكاوى حول تلك الأملاك.
وللّجنة الحق في استثمار وتأجير أملاك الغائبين، بشرط عدم إقامة أحد أقارب صاحب الملك من الدرجة الأولى أو الثانية في سوريا. وتضع اللجنة ريع أملاك الغائبين في خدمة “تنمية المجتمع”، لحين عودة أصحابها إليها. إذ يكون من صلاحيات اللجنة مصادرة ريع أملاك الغائب، خلال مدة أقصاها سنة متواصلة من عودته وإقامته الدائمة في سوريا. وهنا، يفقد الغائب حقه في ريع أملاكه من دون المساس في حقه بالملكية، بحسب القانون.
ويُعرّفُ القانون الشخص الغائب بأنه كل سوري حاصل على إقامة دائمة خارج سوريا، ولا يملك أقرباء من الدرجتين الأولى والثانية في سوريا. وتنقسم القرابة أربع درجات؛ الأولى تضم الأب والأم والأبناء والجد، والثانية تضم الجدة والأخ والأخت وابن الإبن، والثالثة تضم الأعمام والعمات والأخوال والخالات وأبناء الاخ وأبناء الأخت، والرابعة تضم أبناء العم والعمة والأخوال والخالات. وبحسب القانون، يتوجب على الغائب الذي ليس لديه أقارب من الدرجتين الأولى والثانية، الحضور شخصياً لإثبات ملكيته.
الحقوقي الكردي المعارض رضوان سيدو، اعتبر في حديثه لـ سيريا ريبورت، أن تعريف الغائب يتعارض مع القوانين السورية ذات الصلة، التي توسع درجة القرابة في مواضيع الملكية والإرث إلى الدرجة الرابعة. واعتبر السيد سيدو، عضو اللجنة القانونية في المجلس الوطني الكردي -ائتلاف يضم أحزاب معارضة للادارة الذاتية، أن القانون ينتهك حقوق الملكية التي تكفل للمغترب التصرف بأمواله وتوكيل من يختاره عليها.
وحتى قبل صدور القانون 7، لم تكن المؤسسة القضائية للإدارة الذاتية تعترف بالوكالة عن المغترب، وكانت تُجبرُه على الحضور شخصياً لتسيير أموره القانونية. بدوره، القانون 7 تجاهل أيضاً صفة الوكالة، التي تعتبر من أهم الأنظمة القانونية في تنظيم العلاقات بين الناس. فعلياً، اعترف القانون 7 بوكالة جزئية محصورة بالأقارب من الدرجتين الأولى والثانية.
القانون في مادته 19، خص المسيحيين من الأرمن والسريان الأشوريين، بحق تشكيل لجنة خاصة تدير أملاك الغائبين من الطائفتين. ويعتبر هذا تمييزاً قانونياً ينافي مبدأ المساواة المذكور في ميثاق الإدارة الذاتية. وربما يعود تخصيص المسيحيين بلجنة، إلى الاعتراضات الواسعة التي واجه فيها المسيحيون قانوناً سابقاً مماثلاً صدر عن مجلس الجزيرة في الإدارة الذاتية في العام 2015، بعدما اعتبروا حينها أن القانون قد يؤثر عليهم أكثر من بقية مكونات المنطقة بسبب الهجرة الواسعة في صفوفهم.