الإدارة الذاتية توسع المدخل الغربي لمدينة القامشلي من دون تعويض المالكين
في تموز 2022 بدأت بلدية القامشلي التابعة للإدارة الذاتية الكردية لشمال شرق سوريا، تجميل وتوسعة المدخل الغربي للمدينة المعروف باسم طريق عامودا، ما أثار نزاعاً مع أصحاب العقارات على جانبي الطريق.
وستتم توسعة الطريق بموجب مخطط تنظيمي تفصيلي قديم للمنطقة يعود للعام 1994. وستتم التوسعة على جانبي الطريق، بطول 600 متر، وبعرض 9 أمتار على كل جانب، 4 منها ستخصص كرصيف و5 كشريط أخضر. التوسعة ستتم على حساب العقارين رقم 34 و36 من المنطقة العقارية هلالية 408. ويتشارك في ملكية هذين العقارين على الشيوع، 31 شخصاً معظمهم اشتروا حصصهم قبل وضع المخطط التنظيمي التفصيلي للمنطقة في العام 1994. وبنى جزء من أولئك المالكين بيوتاً لهم أو متاجر، وهي مهددة اليوم جزئياً أو كلياً بالهدم.
أحد أصحاب العقارات المتضررة في المنطقة، قال لمراسلة سيريا ريبورت، إن بيته مربع مساحته 100 متر مربع، وهو يقع على حد الطريق مباشرة، ما يعني أن التوسع سيقضم 90 متراً مربعاً منه.
وكانت الإدارة الذاتية قد أسست بلديات تابعة لها في العام 2014، ووضعت يدها على معظم مباني البلديات في مناطق سيطرتها، شمال وشرق سوريا، واحتفظت بأرشيفها من وثائق ومخططات هندسية ومساحية وطبوغرافية وتنظيمية، وتستند إليها في منح تراخيص البناء وتخطيط وتنظيم المناطق الحضرية. والبلديات التابعة لوزارة الإدارة المحلية في حكومة دمشق، انتقلت إلى مواقع جديدة صغيرة في مراكز مدن القامشلي الحسكة وعامودا وديرك، وهي تعمل بالحدود الدنيا بعدد قليل من الموظفين، يقتصر عملهم على تصديق الوثائق القديمة الصادرة عنها، وإعطاء بعض البيانات الإدارية.
ضابطة بلدية القامشلي، التابعة للإدارة الذاتية، وجهت خلال العام 2022، مرتين، إنذارات إخلاء لأصحاب العقارات المعنية في منطقة التوسع. الإنذارات صدرت عن البلدية من دون سند قانوني، ولم تتضمن إشارة إلى استملاك العقارات المطلوب إخلاؤها، ولا تعويضاً لأصحابها. ورفض أصحاب تلك العقارات المهددة بالإزالة إنذارات الإخلاء تلك، ومنعوا الأعمال التحضيرية التي بدأ بها عمال البلدية. في تموز 2022 بدأ عمال البلدية بإزالة سور ترابية لدار سكنية في المنطقة المطلوب إخلاؤها، فتجمع المتضررون وتصدوا للعمال وأوقفوا عملهم. بعدها توجه المتضررون إلى مبنى البلدية، وتقدموا بعريضة تظلم جماعية اعتراضاً على المشروع، وأبرزوا مستندات ملكيتهم، وطالبوا بتعويض نقدي أو عيني يجبر الضرر الذي سيلحقهم.
أحد أصحاب العقارات المنذرة بالهدم، قال لمراسلة سيريا ريبورت، إن موظفين في بلدية القامشلي، بعضهم من الكادر الحزبي في حزب الاتحاد الديموقراطي، ردوا على المعترضين بلغة خطابية وشعارات حزبية، من قبيل أن أراضي سكان عفرين قد سلبت ونهبت وغصبت من قبل الجيش الوطني، مستنكرين على المتضررين المطالبة بالتعويض.
البلدية بدورها، أوقفت العمل بالتوسع مؤقتاً، وبدأت البحث عن صيغة لإقناع الأهالي. في أيلول 2022، شكلت البلدية لجنة لدراسة وإعداد مقترح لتعويض الاهالي بحسب الأسعار الرائجة في تلك المنطقة العقارية. وضمّت اللجنة موظفين في البلدية من قسمي المخالفات والطبوغرافيا، ومن اتحاد المكاتب العقارية التابع لاتحاد الأصناف، وهو منظمة تابعة للإدارة الذاتية تهدف لتنظيم عمل المهن في الأسواق. واتحاد الأصناف مسؤول عن تقدير أسعار العقارات وحل بعض الخلافات العقارية.
في كانون الأول 2022، خلصت اللجنة إلى مقترح بوجوب دفع تعويض نقدي للمتضررين، مقدرة سعر المتر المربع من الأرض في المنطقة ما بين 500-800 دولار. لكن هيئة البلديات في إقليم الجزيرة، وهي إحدى مؤسسات الإدارة الذاتية المكلفة بالإشراف على البلديات في مقاطعة الجزيرة، رفضت مقترح اللجنة. مراسلة سيريا ريبورت أشارت إلى أن الرفض كان شفهياً ومن دون تبرير. الهيئة في المقابل دعت المتضررين الى اجتماع، وحاولت إقناعهم بأن المنطقة المحيطة بجانبي الطريق بعرض عشرين متراً، ستصبح تجارية، وسيرتفع سعرها. لكن الأهالي رفضوا العرض وأصروا على التعويض النقدي. الهيئة مضت في الإجراءات الإدارية للمصادقة على مشروع التوسع، وتم ارساله بالبريد إلى مكتب شؤون البلديات في مجلس شمال شرق سوريا. لكن المتضررين عادوا وطرحوا مقترحاً جديداً بالتعويض العيني عليهم بمقاسم عقارية من أملاك الدولة بالتعاون بين البلديتين في القامشلي؛ بلديتي الإدارة الذاتية والنظام.
المكتب التنفيذي في بلدية القامشلي أصدر، في 10 شباط 2023، القرار الإداري رقم 13 الذي ينص على تحويل الشريط الأخضر في منطقة التوسع إلى وجيبة تبقى ملكيتها لأصحابها، وأن يتم تغيير الصفة التنظيمية للمنطقة من سكنية إلى تجارية. واعتبر المجلس التنفيذي أن ذلك سيكون بمثابة تعويض لأصحاب العقارات الذين سيستفيدون اقتصاديا بشكل أفضل مما تبقى من مساحة أرضهم، وسيغدو بإمكانهم بناء أربعة طوابق بموجب نظام ضابطة البناء في المنطقة التجارية، بينما سترفع الصفة التجارية من سعر المتر المربع في تلك المنطقة. المكتب الفني في بلدية القامشلي أكد رفع القرار 13 إلى هيئة البلديات في شمال وشرق سوريا، لدراسته وتصديقه، وربما رفضه.
وبحسب مراسلة سيريا ريبورت، في حال إقرار القرار 13، لن يكون أمام من يرفضه سوى رفع دعوى أمام القضاء للمطالبة بالتعويض.
ومن المفيد الإشارة إلى أن المادة 41 من ميثاق العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية الصادر في العام 2016، وهو بمثابة دستور لها، نصت على أن الملكية الخاصة مصونة ومحمية ويلزم التعويض العادل عند الاستملاك. في حين تنص المادة 88 من الميثاق، على “اللجوء للقانون الوضعي السوري والعمل به عند اي نقص تشريعي”. وفي هذه الحالة وبسبب عدم وجود قانون استملاك خاص بالإدارة الذاتية، يجوز تطبيق قانون الاستملاك السوري رقم 20 الصادر في العام 1983، الذي نص على منح تعويض عادل عند الاستملاك بغرض النفع العام.