استثمار الأقارب لأراضي الغائبين: زيادة الشرخ الاجتماعي
“ينتابني الغضب والخجل لأن أبن أخي يستثمر أرضي، ولا يعترف بملكيتي لها”، يقول أحد الفلاحين المهجرين قسراً من مدينة كفرزيتا بريف حماة لمراسل سيريا ريبورت في المنطقة، ويضيف: “لم أتصور يوماً أن يعاملني ابن أخي بمثل هذا النكران”.
قصة هذا الفلاح المُهجّر إلى مناطق المعارضة في الشمال السوري تشير إلى الانقسام العائلي على خلفية الموقف السياسي من النظام، بين معارض مُهجّر قسرياً عن كفرزيتا ومؤيد ما زال يعيش فيها. الأمر نفسه ينطبق على حال الكثير من العائلات في ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي الواقعين تحت سيطرة قوات النظام. ويبدو أن السلطات السورية تعمل على ترسيخ هذا الانقسام الأهلي عبر تشجيع المؤيدين للنظام المستقرين في مناطقهم على استثمار أراضي أقاربهم المُعارضين المُهجرين قسرياً، بحسب ما كشفته بعض الوثائق التي حصلت عليها سيريا ريبورت.
ويتضح ذلك مع إعلان الأمانة العامة لمحافظة حماة في 21\10\2021، عن قبول طلبات استثمار الأقارب للأراضي السليخ “غير المزروعة بالأشجار” ولموسم واحد، بحيث تكون الأفضلية في الاستثمار للأقارب حتى الدرجة الثالثة المقيمين في المنطقة. وتضم درجة القرابة الأولى: الوالد والوالدة والزوجة والأبناء، بينما الدرجة الثانية فتضم الجد والجدة والأخ والأخت وابن الابن، والدرجة الثالثة تضم الأعمام والعمات وأبناء الأخ.
وجاء ذلك الإعلان بناء على كتاب من وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي رقم 588\م.و تاريخ 21\08\2021 وكتابها رقم 594\م.و تاريخ 23\08\2021 المتضمن “خطة عمل ضمان الأراضي الشاغر” والمقرر إعلانها للاستثمار الزراعي لموسم 2021-2022.
مراسل سيريا ريبورت أشار إلى أن استثمار أراضي الغائبين من قبل الأقارب، عدا عن تعزيز القطيعة مع الغائبين، فإنه قد بدأ في إثارة النزاعات بين الأقارب المقيمين في مناطق النظام على استثمار تلك الأراضي. وزارة الزراعة، بحسب كتاب صادر عنها بتاريخ 23\10\2021، أشارت إلى أن الأولوية هي لتنظيم اتفاق الأقرباء فيما بينهم لاعتماد أحدهم لاستثمار الأرض، وفي حال عدم الاتفاق يتم تطبيق درجة القرابة بالأفضلية.
وزارة الزراعة أشارت في كتاب خاص حمل رقم 795/م.و، بتاريخ 03\10\2021، بأن الأراضي المُصادرة تدخل ضمن المزادات العلنية العادية، ولا تنطبق عليها مزادات الأقارب. وعادة ما تشير كلمة الأراضي المصادرة إلى أملاك المُعارضين المتهمين بـ”الإرهاب” أمام “محكمة الإرهاب“، أو الأراضي التي استولت عليها مليشيات موالية للنظام.
وفي كل الأحوال، لا فائدة مالية يجنيها المستثمر من الأقارب، بل الأفضلية فقط لاستثمار أرض قريبه. وفي حال عدم وجود أقارب أو مهتمين بينهم بالاستثمار، ستدخل أرض الغائب في المزادات العلنية للاستثمار. من جانب آخر، يبدو أن عدداً من الفلاحين المُهجرين قسرياً قد اتفقوا مع أقاربهم المقيمين على استثمار الأرض وتقاسم محصولها. في حين، أجبرت تلك المزادات بعض الفلاحين من المهجرين قسراً للعودة إلى مناطقهم، ما تسبب بحدوث بعض حالات الاعتقال التعسفي بينهم.