ازدياد مخالفات البناء في مدينة عفرين
منذ العام 2021 ازدادت مخالفات البناء في مدينة عفرين بريف حلب الغربي، وسط عجز المجلس المحلي عن ضبطها، وتحكّمِ مجموعة من متعهدي البناء المرتبطين بفصائل مُعارضة مسلحة بسوق العقارات. وهذا التوسع في المخالفات يبدو نتيجة لزيادة الطلب على السكن في المنطقة الجاذبة للنازحين قسرياً من أصقاع سوريا المختلفة.
وتعني مخالفة البناء كل بناء مشاد على أملاك عامة، أو البناء من دون ترخيص على أملاك خاصة، أو البناء خارج المناطق المحددة في المخططات التنظيمية، أو البناء بشكل مخالف لكود البناء ما يعرض السلامة الإنشائية للخطر.
وقد شهدت مدينة عفرين منذ العام 2021 انتشاراً واسعاً للبناء المخالف خاصة في حي شارع الفيلات، أحدث أحياء عفرين وأكبرها. وأبرز المخالفات تتمثل بزيادة عدد الطوابق، بالشراكة بين أصحاب المباني ومتعهدي البناء. كما تحدث زيادة الطوابق أيضاً، على أسطح أبنية وضعت فصائل معارضة اليد عليها بالقوة، بذريعة انتماء أصحابها لوحدات حماية الشعب الكردية.
وكانت فصائل المعارضة المدعومة من تركيا قد سيطرت على كامل منطقة عفرين في العام 2018، في عملية غصن الزيتون، ما تسبب بنزوح جزء كبير من سكانها الأصليين ومعظمهم من الأكراد وحدوث انتهاكات كبيرة لحقوق النازحين في السكن والأرض والملكية.
مصدر مقرب من مجلس عفرين المحلي، قال لمراسل سيريا ريبورت في المنطقة، أن متعهدي البناء، ومنهم عرب وأكراد، مرتبطون بفصائل معارضة ويتقاسمون معها الأرباح، ولهم علاقات جيدة مع مجلس عفرين المحلي التابع بدوره للمعارضة. وبات هؤلاء من القوة بحيث لا يمكن لأحد عرقلة مخالفاتهم، بحسب المصدر.
مخالفات البناء تمددت أيضاً إلى مناطق أخرى في المدينة، مثل منطقة حزام نهر عفرين التي يُفترض أن البناء ممنوع فيها بحسب مخطط المدينة التنظيمي القديم. وظهرت المخالفات في منطقة طريق عفرين-أعزاز وهي خارج مخطط عفرين التنظيمي. وكذلك بدأت مناطق سكن عشوائي بالظهور في حي البوبنا، ومنطقة بين الجسرين.
ويضيف المصدر، أن الشرطة التابعة للمجلس المحلي، يمكن أن تُنظّمُ ضبطاً بحق متعهد ما، في حال وجود شكوى ضده. ثم ترسل الشرطة الضبط إلى المكتب القانوني التابع بدوره للمجلس المحلي، والذي يرسله بدوره إلى المحكمة. وهذه الإجراءات تأخذ وقتاً يكفي لإنجاز بناء الطوابق الإضافية المُخالفة، أو البناء المخالف برمته. وهنا، غالباً ما تحكم المحكمة بتغريم المتعهد مالياً فقط، ويبقى البناء المخالف كما هو.
وحتى لو صدر حكم قضائي بإزالة البناء المخالف، فإن هناك صعوبة في تنفيذه في ظل الواقع من ضعف السلطة المركزية في مناطق المعارضة، وعدم اعتماد قانون واضح لإزالة المخالفات. وحتى في مناطق سيطرة حكومة دمشق، حيث تسري أحكام قانون إزالة مخالفات البناء رقم 40 لعام 2012، فإن تطبيق القانون يخضع لاعتبارات مناطقية وأهلية، وفي كثير من الأحيان تحول الرشاوى وفساد موظفي المجالس البلدية دون تنفيذه. ويفرض القانون 40 عقوبة على المخالفين بالحبس حتى ثلاث سنوات في حالة إشادة طابق إضافي زيادة عن الحد المسموح به، مع هدم المخالفة.
ويشترط المجلس المحلي في عفرين لإصدار رخصة بناء ما، إبراز وثائق تُثبتُ ملكية العقار، ومخططاً مساحياً ودراسة هندسية من غرفة المهندسين، إضافة إلى 300 ليرة تركية كرسوم بلدية وهندسية. ونتيجة غياب سندات الملكية الأصلية، بسبب التلف والضياع وأيضاً لأن جزءاً من السكان الأصليين قد نزح عن المنطقة، فإن ذلك يعيق إصدار رخص بناء. في الوقت نفسه، يتسبب ذلك بزيادة البناء المُخالف من دون ترخيص. وأمام هذه المعضلة، بدأ المجلس المحلي في عفرين مؤخراً قبول عقود وإقرارات البيع المستعجلة أمام القضاء، أو بالوكالة، على غرار ما هو مُتبعُ في عمليات توثيق البيوع العقارية في عفرين.