إلغاء التخصيص في الجمعيات التعاونية: عقوبة للمعارضين؟
ألغت جمعيات سكنية تعاونية خلال الأعوام الماضية، عضوية كثير من المكتتبين والمتخصصين بشقق سكنية في مشاريع السكن التعاوني. ويأتي ذلك، بسبب تخلف المكتتبين والمتخصصين عن سداد التزاماتهم المالية أو إتمام الإجراءات التعاقدية. إلا أن مصادر سيريا ريبورت أشارت إلى استخدام الجمعيات التعاونية لإلغاء التخصيص والاكتتاب لبعض معارضي النظام، من دون سابق إنذار.
ويعني التخصيص انتقال المكتتب على شقة في مشروع سكني تنفذه جمعية تعاونية (أو المؤسسة العامة للإسكان)، من حالة المساهمة العامة إلى الحالة التعاقدية، بعقد تخصيص يتم إبرامه بين الجمعية والمكتتب، تتحدد فيه التزامات كل منهما. عقد التخصيص يتضمن موقع المسكن وأوصافه، ويتم توثيقه لدى وزارة الاشغال العامة والاسكان. ويعتبر عقد التخصيص بمثابة سند للملكية، شريطة الوفاء بالالتزامات المالية المتبقية.
بموجب عقد التخصيص، يتم تسجيل الشقة المخصصة لمالكها في السجل العقاري اليومي المؤقت، وهو أحد سجلات السجل العقاري ضمن المصالح العقارية. ويبدأ العمل بالسجل المؤقت منذ فتح صحيفة للعقار لدى المصالح العقارية، استناداً إلى عقد التخصيص، ويرافق ذلك وضع إشارة على الصحيفة تمنع إجراء المعاملات العقارية. وينتهي العمل بالسجل المؤقت عند افراز العقار ونقل كافة الوقوعات الجارية إلى السجل الدائم. وفي كل الأحوال، لا يحتوي عقد التخصيص على مهل زمنية محددة لإنجاز المسكن وتسليمه لصاحبه.
على سبيل المثال، قامت جمعية تعاونية بدمشق منتصف العام 2020، بإلغاء تخصيص أكثر من عضو فيها، استناداً إلى جلسة مجلس إدارتها، والمرسوم التشريعي رقم 99 لعام 2011 الخاص بالتعاون السكني، وخطة تمويلها، كما جاء في قرار إلغاء التخصيص. أحد الأعضاء الملغى تخصصهم، وهو معارض للنظام ومقيم في خارج سوريا، أكد لسيريا ريبورت، أنه عضو مكتتب في الجمعية منذ العام 2008، ووقّع عقد التخصيص بشقة في أحد مشاريع الجمعية بريف دمشق في العام 2011.
وبلغ ما دفعه ذلك العضو بحدود مليون ليرة سورية، من أصل مليون و500 ألف ليرة كثمن الشقة حينها، وذلك كأقساط حتى العام 2012. في العام 2012 خرجت منطقة المشروع السكني برمتها عن سيطرة النظام، وبقيت تحت سيطرة المعارضة حتى العام 2018. خلال كامل تلك الفترة؛ 2012-2018، توقفت الجمعية عن العمل في المشروع، وكذلك عن استلام الأقساط من المكتتبين والمتخصصين.
في منتصف العام 2020، أعادت الجمعية العمل في مشروعها السكني. ومن دون إنذار، كما ينص المرسوم 99\2011، ألغت الجمعية تخصيص عدد من الأعضاء فيها. عضو الجمعية أكد لسيريا ريبورت، أن وكيله الرسمي المثبت عنوانه لدى الجمعية، لم يتبلغ بعودة الجمعية إلى تحصيل الأقساط. وكل ما وصل إلى الوكيل من الجمعية، هو تبليغ بإلغاء عقد تخصيص موكله، بحجة عدم وفائه بالالتزامات المالية.
عضو متخصص في جمعية أخرى، وهو معارض يقيم أيضاً خارج سوريا، أُلغي عقد تخصيصه من دون إنذار مسبق. وقد أشار في حديثه لسيريا ريبورت، إلى أن ذويه المقيمين بدمشق، خاطبوا إدارة الجمعية، بشكل رسمي عبر محامي، لاطلاعهم على التبليغات الثلاثة الصادرة بحق ابنهم كإنذارات توجبه استكمال التزاماته المالية، قبل إلغاء تخصيصه بالسكن. ومع ذلك، فقد رفضت الجمعية، الرد.
مصدر خبير بشؤون الجمعيات التعاونية، قال لسيريا ريبورت، إنه بعد صدور المرسوم التشريعي رقم 37 لعام 2019 الخاص بحلّ الاتحاد العام للتعاون السكني، باتت الجمعيات التعاونية تحت سيطرة كلية من وزارة الأشغال العامة والإسكان. وأشار المصدر إلى أن إلغاء تخصيص الأعضاء المعروفين بمعارضتهم للنظام، بحجة عدم تسديد التزاماتهم المالية، يأتي استجابة لتوجهات وزارة الإسكان.
المرسوم التشريعي رقم 99 لعام 2011 الخاص بالتعاون السكني، كان قد نص أنه إذا تأخر العضو المكتتب أو المخصص بمسكن أو الذي استلم مسكناً من الجمعية، عن تسديد التزاماته المالية، يتم إنذاره، وفي حال عدم الاستجابة يلغى التخصيص ويلغى التسجيل في السجل العقاري أو السجل المؤقت، بناء على قرار من مجلس الإدارة، ويتم إخلاء المسكن بواسطة دائرة التنفيذ. وأضاف المرسوم أن من ألغي تخصيصه، يحتفظ بحقه في الاكتتاب والتخصيص في المشاريع المقبلة، أو في المساكن الشاغرة.
ويغيب المعيار القانوني المتوازن في تفسير الجمعيات للمقصود بالتأخر عن سداد الالتزامات المالية، وتحديد مدة التأخر. وتتبع الجمعيات في ذلك معايير استنسابية، غير موحدة. خاصة، بعدما شهدت سنوات الحرب انقطاعاً طويلاً لكثير من المكتتبين والمتخصصين ومستلمي المساكن، عن الوفاء بالتزاماتهم المالية، نظراً لخروج مناطق واسعة من سوريا عن سيطرة النظام.