إطلاق منصة وتطبيق الكتروني للسكن الجامعي
بمبادرة من الاتحاد الوطني لطلبة سوريا، وضمن التوجهات الحكومية للتحول الرقمي، أعلنت وزارة التعليم العالي وجامعة دمشق، في مؤتمر صحفي عقد في قاعة رضا سعيد بجامعة دمشق، في 20 أيلول الماضي، عن إصدار تطبيق للهواتف المحمولة، اسمه سكن، بغرض التسجيل الإلكتروني للطلاب في السكن الجامعي، والتسديد الالكتروني لرسوم السكن.
التوجهات الحكومية للتحول الرقمي تندرج ضمن سياق خطة الحكومة الإلكترونية التي بدأت قبل عقدين بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP. وبحسب الخطة، فمن المفترض أن تكون الآن 100% من الخدمات الحكومية الرئيسية مقدمة إلكترونياً. ولكن، لأسباب متعددة، بالإضافة إلى الحرب خلال العقد الماضي، لم ينجز سوى القليل.
وبحسب صحيفة الوطن شبه الرسمية، فإن تطبيق سكن، هو حصيلة تعاون استراتيجي بين شركة سيريتل ومنصة سكن الإلكترونية. ويمكن للطلاب في الجامعات التسجيل على السكن للعام الدراسي الجاري 2023-2024، عبر منصة سكن الالكترونية، أو عبر تطبيق سكن للهواتف المحمولة. ومنصة سكن، هي موقع إلكتروني تابع للاتحاد الوطني لطلبة سوريا، صممه المهندس علي صالح، أحد المشاركين في “ملتقى فرصة للأعمال”. ويحظى ملتقى فرصة للأعمال، برعاية الاتحاد الوطني لطلبة سوريا، والأمانة السورية للتنمية.
وبينت شركة سيريتل، في بيان لها في 20 أيلول، بأن دفع رسوم السكن الجامعي عبر تطبيق سكن، سيكون عبر خدمة سيريتل كاش الإلكترونية.
وكان القانون رقم 29 لعام 2022، قد حوّل المدن الجامعية إلى هيئات عامة مستقلة مالياً وإدارياً، وذلك بغرض توفير سكن للطلاب، ولإنجاز أعمال الصيانة وإعادة التأهيل وبناء وحدات سكنية جديدة وإدارة المرافق والمنشآت الملحقة بالمدن واستثمارها. بموجب القانون 29، تُحدثُ هيئة عامة ذات طابع إداري باسم المدينة الجامعية تتمتع بالشخصية الاعتبارية، وذلك في كل محافظة فيها جامعة خاضعة لأحكام قانون تنظيم الجامعات رقم 6 لعام 2006 وتعديلاته. وتؤول إلى الهيئات الجديدة المحدثة بموجب القانون 29، ملكية جميع الأراضي والمباني والمنشآت والأكشاك والنوادي والمطاعم والمقاصف والمسارح، والأثاث والتجهيزات والآليات والأدوات، الموجودة أو المتعاقد عليها. وللهيئة العامة مجلس إدارة يترأسه مدير عام يعينه رئيس مجلس الوزراء، وتضم رئيس الجامعة، ونائب رئيس الجامعة لشؤون الطلاب، ومدير عام الهيئة العامة، ومعاونه، وممثل عن الاتحاد الوطني لطلبة سوريا.
ويشترط القانون 29 لتحويل المدن الجامعية إلى هيئات، أن يكون لديها ثلاث وحدات سكنية على الأقل. وينطبق ذلك على بعض المدن الجامعية فقط. أكبر وأقدم المدن الجامعية هي مدينة دمشق الجامعية التي تضمّ 27 وحدة سكنية ضمن ثلاث تجمعات: المزة، الطبالة، برزة. فيما تضم جامعة حلب 20 وحدة سكنية، وجامعة البعث في حمص 12 وحدة سكنية، وجامعة تشرين في اللاذقية 14 وحدة سكنية. وفي العموم، يوجد 86 وحدة سكنية في مختلف الجامعات السورية، يقطن فيها نحو 100 ألف طالب وطالبة.
القانون 29 أعطى الاتحاد العام لطلبة سوريا دوراً قانونياً في مجلس إدارة هيئات المدن الجامعية. الاتحاد هو منظمة تابعة لحزب البعث الحاكم تحتكر العمل السياسي والتنظيمي بين طلاب الجامعات السورية وقد تأسست في العام 1963. ويصدر الاتحاد ما يشبه الموافقة الأمنية، على طلبات القبول في السكن الجامعي التي يتقدم بها الطلاب. وليس من معايير يستند إليها الاتحاد في دراسة تلك الطلبات، سوى قواعد البيانات الأمنية التي يتشاركها مع الأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى شبكته الخاصة من المخبرين بين الطلاب والكادر التعلمي والإداري في الجامعات والمدن الجامعية. ويضاف إلى تلك المعايير، استغلال النفوذ والفساد، والاتجار بإيصالات السكن الجامعي وبيعها، عدا عن التحكم بالمنشآت التابعة للمدن الجامعية واستثمارها. وقد قام الاتحاد الوطني منذ العام 2011 بدور أمني في جميع المدن الجامعية ووحدات السكن الطلابية في سوريا، تم على أثرها اعتقال طلاب وتسليمهم لأجهزة الأمن السورية. كما ساهم الاتحاد في تشكيل ميليشيات عسكرية موالية للنظام، قاتلت على أكثر من جبهة ضد المعارضة.
لاقى مشروع منصة سكن انتقادات واسعة من الطلبة، بسبب اعتماد تطبيق إلكتروني في الوقت الذي تشهد فيه البلاد تقنيناً كبيراً للكهرباء، وتعاني فيه شبكات الاتصالات والانترنت من ضعف الخدمة. ويخشى كثير من الطلاب، من أن التأخر في التسجيل عبر المنصة، سيفقدهم أفضلية الحصول على سكن.
وتشترط إدارة السكن الجامعي على الطلاب الراغبين بالسكن في الوحدات والمدن الجامعية أن يكونوا مقيمين في مناطق تبعد على الأقل 40 كيلومتراً عن الجامعات، وألا يكونوا معاقبين مسلكياً، أو راسبين في صفوفهم. واستثنت الإدارة من الشرط الأخير الطلاب من ذوي القتلى والمفقودين من صفوف قوات النظام والأجهزة الأمنية.
ومع إطلاق تطبيق سكن، رفعت وزارة التعليم العالي بدل السكن السنوي، من 22 ألف إلى 88 ألف ليرة. في العام 2021 رفعت الوزارة بدل السكن من 3 آلاف إلى 22 ألف ليرة. وتبرر الوزارة رفع رسوم السكن باستخدامها في تحسين الخدمات وتأمين ظروف سكن أفضل للطلبة. وتحصل هيئات المدن الجامعية على 50% من أولاً، تحصل الهيئة على 50% من مدفوعات الطلاب السنوية لقاء السكن في المدينة الجامعية، بينما تذهب الـ50% الأخرى إلى الخزينة العامة للدولة.
وكانت ظروف الحرب خلال السنوات الماضية، قد فاقمت من سوء أحوال وحدات السكن الجامعي التي باتت بحاجة إلى إعادة تأهيل ضرورية، وسط الفوضى والاكتظاظ فيها. وغالباً ما يسكن الغرفة الواحدة ما يزيد عن 6 طلاب، وفي بعض الحالات 9 طلاب. تراجع إنفاق وزارة التعليم على تأهيل الوحدات السكنية تسبب بتهالك بناها التحتية من شبكة الكهرباء والصرف الصحي، وغياب التدفئة بشكل كامل، وتراجع مستويات النظافة، والنقص في عدد الأسرّة والطاولات والكراسي. العديد من سكان تلك الوحدات ينامون على الأرض.
وكانت العديد من المدن الجامعية قد ألغت عروضاً سابقة لترميم مبانيها أو إعادة تأهيلها، لأسباب تتعلق غالباً بالميزانية القليلة المرصودة لهذه الأعمال، وإحجام المتعهدين عن التعاقد مع الجهات الرسمية. ويعود ذلك إلى تأخر الجهات الرسمية في صرف المستحقات المالية للمتعاقدين معها، وسط التراجع المستمر في سعر صرف الليرة السورية، ما يسبب بدوره انخفاض قيمة تلك المستحقات مع الوقت.