إزالة الأكشاك في مدينة طرطوس: خيانة لدم الشهداء؟
على غرار محافظتي دمشق وحماة، تواصل محافظة طرطوس حملة إزالة الأكشاك التي بدأتها منذ منتصف آذار الماضي، رغم الاعتراضات الواسعة عليها وعدم وجود أي بديل.
وكانت الوحدات الإدارية قد بدأت إزالة الأكشاك بموجب قرار وزارة الإدارة المحلية والبيئة رقم 1809 الصادر في كانون الأول 2021، والمستند على تعميم سابق للوزارة رقم 347 صادر في كانون الثاني 2019 الذ يحدد مدة رخصة الإشغال بثلاث سنوات تنتهي مطلع العام 2022. والأكشاك المطلوب إزالتها هي المسماة بأكشاك الإعانة، والتي كانت تمنح لذوي الاحتياجات الخاصة، ولم تكن مقيدة في السابق بمهل زمنية محددة. في حين منح القرار رقم 1809 الأكشاك التي يملكها الجرحى وذوي الشهداء، مهلة إضافية للتنفيذ، غير قابلة للتجديد، حتى نهاية العام 2022.
وبدأت عملية تنفيذ قرار إزالة الأكشاك، منذ منتصف آذار الماضي، في مناطق الكراج الجديد والكراج القديم وكراج الشيخ سعد، ضمن مدينة طرطوس. وخشية حجز أكشاكهم ومحتوياتها، فضّل كثير من أصحاب الأكشاك عدم الاصطدام بالسلطات البلدية، وتفكيك أكشاكهم ونقلها إلى مناطق أخرى على حسابهم الشخصي. إذ أن ملكية الأكشاك تعود لأصحابها، ويقتصر دور الوحدات الإدارية على منح رخص للأكشاك، مقابل إشغالها للأرصفة والأمكنة العامة، وذلك لقاء رسم سنوي. وقام أصحاب تلك الأكشاك بتوثيق عملية ترحيل أكشاكهم، بموجب ضبط شرطة رسمي، وبحضور رؤساء لجان الأحياء المعنية، وموظفي مديرية الخدمات الفنية في مدينة طرطوس، بحسب ما نشرته صحيفة الوطن شبه الرسمية.
وكان محافظ طرطوس قد وجّه في كانون الثاني 2022، كتاباً إلى مجلس مدينة طرطوس لمعالجة موضوع الأكشاك بما ينسجم مع قرار وزارة الإدارة المحلية والبيئة. وأعلنت المحافظة في الشهر ذاته، نيتها توجيه 1556 إنذاراً لشاغلي الأكشاك الذين لا تنطبق عليهم شروط التمديد، الأمر الذي تمت مواجهته بوقفات احتجاجية من أصحاب الأكشاك ما دفع المحافظة للتراجع عن إعلانها. ولكن، عادت المحافظة للبدء بتنفيذ قرار إزالة الأكشاك، بشكل مفاجئ، في منتصف آذار الماضي.
وتمثّلُ محافظة طرطوس الساحلية ذات الغالبية العلوية، واحدة من أكبر الحواضن الشعبية للنظام، وتعتبر من المناطق التي قدّمت أكبر أعداد من القتلى والجرحى في صفوف قوات النظام خلال الحرب السورية. وغالباً ما يرتبط الحديث عن الأكشاك، بالحديث عن الجرحى وذوي القتلى في صفوف قوات النظام، لأن جزءاً كبيراً من الأكشاك كان يمُنحُ حصرياً لتلك الشرائح. وفي مدينة طرطوس لوحدها حوالي 2500 كشكاً، تُعيل آلاف العائلات بحسب تقديرات رسمية.
عملية إزالة الأكشاك في طرطوس أثارت استياءً واسعاً من أصحاب الأكشاك، وأيضاً من عموم الأهالي، بحسب ما نقلته الصحافة الرسمية ومواقع التواصل الاجتماعي. في بعض الحالات، وجّه أصحاب الأكشاك المهددة بالإزالة اتهامات حادة للسلطات البلدية بـ”خيانة دم الشهداء” و”عدم احترام التضحيات”، وإلقاء عائلاتهم في مهب المجهول بعد انتزاع مصدر رزقهم الوحيد، في ظل ظروف اقتصادية بالغة الصعوبة.