إدلب: التسوية لا تمنع المزادات العلنية لاستثمار أراضي الغائبين
رغم الحفاوة التي أظهرتها وسائل الإعلام الموالية للنظام بعودة أول دفعة من النازحين من مناطق سيطرة المعارضة إلى مناطق سيطرة النظام في محافظة إدلب، لا تزال عملية استثمار أراضي الغائبين من النازحين قائمة على قدم وساق.
ونقلت وسائل إعلام موالية خبراً عن عودة 28 عائلة، حوالي 140 شخصاً، الى مناطق سيطرة النظام في محافظة إدلب. وسبق ذلك افتتاح “مركز للتسوية” في مدينة خان شيخون، المركز المؤقت لمحافظة إدلب، في 5 أيلول. ويقوم مركز التسوية بإجراء تحقيق أمني مع العائدين، يتضمن “تسوية أوضاع الفارين والمتخلفين من الخدمة الإلزامية والاحتياطية”، بحسب الصفحة الرسمية لمحافظة إدلب في فيسبوك.
وليس هناك من معبر حالي في إدلب، بين مناطق سيطرة المعارضة وهيئة تحرير الشام، وبين مناطق سيطرة النظام. بل يضطر أولئك العائدون، للانتقال من مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا، إلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديموقراطية شمال شرقي سوريا، عبر معبري الحمران وعون الدادات بريف حلب. ومن مناطق سيطرة “قسد” يسلك العائدون الطريق، عبر معبر التايهة شمال شرقي حلب، إلى مناطق سيطرة النظام.
وقد عاد أولئك النازحون بقافلة واحدة مكونة من 15 سيارة وباص، بشكل شبه منسق مسبقاً بين قوى الأمر الواقع المختلفة. وكان مرور القافلة طبيعياً، بين جميع مناطق السيطرة المختلفة، وذلك بعد دفع العائدين تكاليف رحلة العودة.
ومعظم العائدين من النساء والأطفال، والرجال فوق الـ45 عاماً. إذ يجب على جميع العائدين مراجعة مركز التسوية في مدينة خان شيخون، لإجراء التسوية الأمنية. ولذا، لم تتضمن القافلة شباباً ذكوراً، ممن يتخوّفُون من ارسالهم مباشرة للخدمة الإلزامية والاحتياطية ضمن صفوف قوات النظام، أو اعتقالهم وملاحقتهم أمنياً بقضايا “الخيانة” أو “الإرهاب” وغيرها. ولا تعفي التسوية الخاضعين لها من مراجعة فروع الأجهزة الأمنية. إذ تطلب الأجهزة الأمنية من جميع العائدين مراجعتها بشكل دوري.
وعلى سبيل التوضيح لآليات العودة، أشار مراسل سيريا ريبورت في المنطقة، بأن عائلتين فقط، قد عادتا إلى قرية الدير الشرقي في إدلب، البالغ عدد سكانها وفق إحصاء 2004 حوالي 4 آلاف نسمة. وكانت حوالي 20 عائلة نازحة قد عادت خلال السنتين الماضيتين إلى القرية، ولكن من مناطق سيطرة النظام. في 11 أيلول، أقيم احتفال في الدير الشرقي، بغرض “شكر” القيادة العسكرية والسياسية في محافظة إدلب على تسهيل عودة العائلتين. وأبلغت فرقة حزب البعث في القرية جميع الأهالي بضرورة الحضور، لإظهار أكبر عدد من الناس في البلدة ترويجاً للبروباغاندا الإعلامية للنظام بعودة النازحين. وبعد الاحتفال، طلب فرع الأمن السياسي في مدينة حماة من 3 أشخاص في القرية مراجعته، بسبب تغيبهم عن الحفل. وراجع أولئك الفرع المذكور أكثر من مرة منذ ذلك الوقت.
وبحسب مراسل سيريا ريبورت، فإن الدافع الرئيسي وراء عودة النازحين من مناطق المعارضة إلى مناطق سيطرة النظام في إدلب، هو رغبتهم بالحفاظ على ممتلكاتهم والانتفاع منها. ويساهم في ذلك سوء الأحوال المعيشية في مناطق نزوحهم.
ويبدو ذلك واضحاً من توقيت العودة. إذ نظّمت محافظة إدلب دفعة مزادات علنية جديدة في 14 أيلول، لاستثمار أراضي الغائبين، السليخ والمشجرة، للموسم الزراعي 2022-2023. ولذا، فقد جاءت العودة قبل الموعد المحدد للمزادات، بغرض اثبات الوجود، لمنع إدراج أراضي أولئك النازحين للاستثمار.
وكانت محافظة إدلب قد طرحت في حزيران الماضي، أراضي الغائبين من النازحين والمهجرين قسرياً، والمزروعة بالفستق الحلبي، للاستثمار في مزادات علنية.
كما أعلنت محافظة إدلب عن طرح أراضي الزيتون التي تعود ملكيتها للغائبين عن إدلب، في مزادات علنية جديدة. وبدأ التقديم للمشاركة في تلك المزادات، في 21 أيلول، في مبنى الأمانة العامة لمحافظة ادلب بمدينة خان شيخون. وهذه هي المرة الأولى التي تنظم فيها محافظة إدلب مزادات لاستثمار الأراضي المزروعة بالزيتون، منذ انفصالها إدارياً عن محافظة حماة بداية العام 2022.