إخلاء منازل متضررة في أحياء حلب الشرقية
تتواصل عملية إخلاء وهدم عقارات متضررة في حي كرم حومد في حلب الشرقية، خشية تكرار ما حصل في مبنى حي الفردوس الذي انهار على ساكنيه مطلع أيلول مخلّفاً أكثر من 13 ضحية. بعض عمليات الهدم تبدو عشوائية، أو مبينة على تقارير كيدية، ولا تستند إلى معايير السلامة الانشائية، ولا إلى أي سند قانوني.
وحي كرم حومد من الأحياء العشوائية شديدة الفقر جنوب شرقي حلب، وتغلب على عمرانه المساكن العربية، وهي البيوت الصغيرة المكونة من طابق واحد أو طابقين، والمبينة بشكل مخالف، وبأعداد كبيرة، على أملاك عامة أو أراض زراعية غير مسموح بالبناء عليها. كما تتواجد في الحي بعض الأبنية الطابقية.
مراسل سيريا ريبورت أكد وجود حالة من الخوف تسود بين سكان حي كرم حومد، منذ حادثة الفردوس، وقد زادت عمليات تبليغ الأهالي للسلطات المحلية عند ظهور التصدعات في منازلهم. وبالفعل، جرت عمليات إخلاء لعدد كبير من المنازل، على أن تتولى السلطات المحلية عملية هدمها لاحقاً. كما أكد المراسل قيام عائلات بإخلاء منازلها طوعاً من دون إبلاغ السلطات، بعد ظهور التصدعات في المنازل. بعض تلك العائلات نزحت لتسكن عند أقاربها أو في منازل مُستأجرة في الأحياء المجاورة، خوفاً من تهدم المبانى على رؤوسها.
ويجري كل ذلك، وسط ترقب وذهول بين سكان الحي الخائفين من مصير مشابه لمنازلهم وأبنيتهم. إذ أن القسم الأكبر من منازل الحي متضررة بفعل العمليات القتالية والقصف الشديد الذي تعرضت له المنطقة خلال فترة سيطرة المعارضة عليها بين العامين 2012-2016 خاصة بالبراميل المتفجرة التي ألقت قوات النظام العشرات منها على الحي. ولذا، فقد ظهرت آثار القصف غير المباشر، كالتشققات في جدران معظم بيوت الحي، وتضرر الأساسات الهشة بالأصل، بفعل تسرب الماء من شبكات الصرف الصحي المتهالكة والمتضررة.
على سبيل المثال، قال مراسل سيريا ريبورت إن السكان تقدّموا إلى مديرية خدمات قطاع قاضي عسكر التابع لمجلس مدينة حلب، في منتصف أيلول، بشكوى عن وجود تصدعات في مبنى مؤلف من طابقين فيهما عشر غرف، تسكنه ثلاث عائلات عدد أفرادها حوالي 20 شخصاً. وبعد يوم واحد من التبليغ، قام مجلس المدينة بإخلاء المبنى ليلاً من سكانه من دون تأمين أي بديل لها.
وتوجهت تلك العائلات للسكن عند أقاربهم في الأحياء المجاورة. وبعد ذلك، قامت آليات من فرع حلب بمؤسسة الإسكان العسكرية التابعة لوزارة الدفاع، بالتعاون مع الهيئة الخدمية في مليشيا فيلق المدافعين عن حلب الموالية للحرس الثوري الإيراني، في 17 أيلول، بهدم البناء. مراسل سيريا ريبورت أشار إلى أن مديرية خدمات قاضي عسكر ليس لديها معدات وآليات ثقيلة خاصة بعمليات الهدم والترحيل، لذا فهي تطلب مساعدة مؤسسة الإسكان العسكري، وهيئة الخدمات في فيلق المدافعين عن حلب. وتنشط هيئة الخدمات لدى الفيلق في قطاعات سيطرته العسكرية، وتقوم بمهام خدمية، بوصفها ذراعاً مدنيّة للمليشيا المسلحة. وحي كرم حومد من الأحياء التي تعتبر تحت سيطرة مليشيا فيلق المدافعين عن حلب، ومليشيا لواء الباقر.
كما أبلغ مجلس مدينة حلب سكان بعض المباني المجاورة بضرورة إخلائها أيضاً. وبسبب عدم وجود بديل، فقد عاد معظم سكان تلك الأبنية إليها بعد أيام، رغم وجود تصدعات فيها.
وأشار مراسل سيريا ريبورت، إلى ظاهرة مقلقة استجدت بعد انهيار بناء الفردوس، وهي كتابة التقارير عن تصدع الأبنية. ويقوم بذلك مُخبرون أمنيون، وأحياناً أشخاص عاديون، ويتقدمون بها لمديرية خدمات قطاع قاضي عسكري، وأيضاً إلى لجنة السلامة العامة في مجلس مدينة حلب. وإذا كان محتوى بعض تلك التقارير واقعي، ويتضمن معلومات عن مخاطر محتملة في الأبنية نقلاً عن سكانها أو سكان الجوار، فإن بعض التقارير كانت كيدية، بحسب المراسل، بهدف الإضرار عمداً بسكان المباني المُبلغ عنها، بدوافع الانتقام أو تصفية عداوات سابقة. والملفت هنا، أن مديرية خدمات قطاع قاضي عسكري، وأيضاً لجنة السلامة العامة في مجلس مدينة حلب، لا تقومان بالتحقق الفعلي من مستوى الخطر على السلامة الانشائية في المباني المُبلّغ عنها.
وعلى سبيل المثال، ورد تقرير إلى قطاع خدمات قاضي عسكر، تبلغهم بوجود تصدُّعات في مبنى مكوّن من ست طبقات في حي الصالحين. وعلى الفور، تم إخلاء البناء من شاغليه، وأغلق قسم شرطة الصالحين المبنى بالشمع الأحمر. والبناء غير مسكون، لكن فيه ورشة للخياطة تحتل الطابقين الأرضي والأول. مراسل سيريا ريبورت، أشار إلى أن البناء متضرر وغير صالح للسكن، لكن كاتبي التقرير كانوا على خلاف مع أصحاب ورشة الخياطة، وأرادوا إخراجهم من البناء.