إخلاء مبنى في حلب الشرقية يؤكد مخاطر الأضرار غير المباشرة للقصف الجوي السابق
أزال مجلس مدينة حلب، في 23 شباط، بناءً سكنياً مؤلفاً من خمسة طوابق بعد إخلائه من سكانه، في حي مساكن هنانو في حلب الشرقية، لأنه متصدع وآيل للسقوط. ويشير ذلك إلى المخاطر على حقوق السكن والأرض والملكية، التي تسببها الأضرار غير المباشرة للقصف الجوي السابق على المناطق التي كانت تحت سيطرة المعارضة.
ويسمى ذلك المبنى “عروسة هنانو”، وكانت تقطنه 15 عائلة. معظم قاطني المبنى يملكون الشقق التي يسكنونها، وأيضاً هناك بعض المستأجرين.
وقال مصدر في مجلس المدينة لمراسل سيريا ريبورت، إن لجنة السلامة العامة التابعة للمجلس كشفت على المبنى، ونظمت تقريراً فنياً بينت فيه وجود تصدع في الجدران الخارجية والداخلية في كافة الطوابق، ووجدت هبوطاً في بعض تلك الجدران.
وأضاف المصدر، أنه بناءً على تقرير اللجنة، تم إخلاؤه من الشاغلين بالكامل، وقطع الطرقات المحيطة بالبناء، وإغلاق جميع مخارجه بالتعاون مع قسم شرطة هنانو. وبعد ذلك، تمت إزالة البناء بالكامل، وفق الإجراءات التي أوصت بها اللجنة، بالتعاون مع مؤسسة الإسكان العسكري. مجلس المدينة، قال إنه قام بتأمين سكن بديل للسكان، بالتعاون مع مختار الحي.
لكن، للسكان الذين تم إخلائهم، ممن تحدثوا لمراسل سيريا ريبورت في المنطقة، رواية أخرى تتناقض مع الرواية الرسمية. السكان سبق أن تقدموا بمناشدة إلى مجلس المدينة، مطلع العام 2021، وأبلغوا عن وجود تصدعات في البناء. وبالفعل، تفقد مهندسون من المجلس، المبنى، وقالوا إن الأساسات جيدة، ولا خطر عليه بالسقوط. القاطن أكد أن التصدعات زادات في المبنى وظهر المزيد من التشققات في الجدران خلال الشهور القليلة الأخيرة.
مراسل سيريا ريبورت، لم يتمكن من تأكيد فحوى التصريحات الرسمية بأن لجنة فنية كشفت على المبنى قبل إخلاء سكانه. إذ تشير الروايات المتقاطعة للسكان إلى أن اللجنة فقط بعد إخلاء السكن، كشفت على المبنى وقررت إزالته.
الملفت في الموضوع، هو استخدام قسم شرطة هنانو مكبرات الصوت، في وقت متأخر من ليلة 22-23 شباط، لدعوة القاطنين للإخلاء بسرعة لأن المبنى سينهار على رؤوسهم. وبالفعل، امتثل السكان للنداء، وخرجوا مذعورين إلى ساحة قريبة من المبنى. وقامت دورية تابعة للقسم بإغلاق باب المبنى الرئيسي، ومنعت الدخول إليه بعد التأكد من خلوه تماماً.
أحد القاطنين السابقين، قال لمراسل سيريا ريبورت، إن السكان لم يتمكنوا من اصطحاب أي شيء من مقتنياتهم، بل خرجوا بملابس نومهم فقط. مراسل سيريا ريبورت أشار إلى أن معظم السكان لم يصطحبوا معهم وثائق الملكية.
كما أن تصريحات مجلس المدينة حول تأمين مساكن بديلة تندرج في إطار الوعود فقط. إذ اقترح المجلس إيواء السكان الذين تم إجلاؤهم في مساكن ضمن أحد تجمعات السكن الشبابي القريبة. ولكن، حتى اللحظة، ما زال السكان يقطنون عند أقارب لهم في الأحياء المجاورة.
ولم تتعرض عروسة هنانو لقصف مباشر. ولكنها كانت تتوسط مجموعة من الأبنية السكنية المدمرة جزئياً بفعل قصف جوي سابق للطيران الروسي وطيران قوات النظام، خلال فترة سيطرة المعارضة السورية المسلحة على أحياء حلب الشرقية 2013-2016.
وكان القصف السابق بالقنابل الارتجاجية والفراغية على بعض المناطق المعمورة قد تسبب بحدوث أضرار غير مباشرة على الأبنية غير المدمرة. وتُعدُّ بعض القنابل الروسية المُخصصة لاختراق التحصينات الخرسانية من أكثر مصادر الخطر على الأبنية نتيجة تأثيرها الشديد على التربة والأرضيات. وبعض تلك الأضرار غير مرئية وتطال أساسات المنازل. ومن الممكن ظهور تلك الأضرار على الأبنية على صورة تشققات في الجدران وهبوط للأعمدة، بعد فترة طويلة. وتتراكم الأضرار غير المباشرة، ويزداد وضعها خطراً بسبب تسرب مياه الصرف الصحي إلى الأساسات.
ومنذ سيطرة قوات النظام على أحياء حلب الشرقية، نهاية العام 2016، لم تحدث عمليات إصلاح فعلية للبنى التحتية والخدمات الأساسية في مساكن هنانو، كشبكات الصرف والمياه والكهرباء، بحسب مصادر محلية.