أرمناز بعد الزلزال
في مدينة أرمناز في محافظة إدلب، دعا المجلس المحلي، الأهالي إلى تقديم طلبات للكشف عن منازلهم والمباني المتضررة نتيجة زلزال 6 شباط، وذلك بغرض إرسال لجان تقييم أضرار الزلزال للكشف عليها. وقد تم تسجيل 650 طلباً للكشف على منازل ومباني متضررة في أرمناز.
وقد تشكلت لجان تقييم أضرار الزلزال بالتعاون بين نقابة المهندسين في إدلب، وبين مديرية الخدمات الفنية في إدلب، وبين وزارة الإدارة المحلية في حكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام.
وقد توزع الدمار على المناطق حديثة البناء في أرمناز، بالإضافة إلى مركز البلدة القديم المؤلف من بيوت حجرية يعود تاريخ بعضها إلى فترات زمنية مختلفة أقدمها تحوي عناصر معمارية بيزنطية.
ووفقاً لما قالته لسيريا ريبورت مصادر مطلعة، في لجان تقييم الأضرار، وفي مجلس أرمناز المحلي، فقد انهار بشكل كلي 11 بناء طابقياً فيها 135 شقة سكنية، و36 منزلاً قديماً. كما تصدعت 3 مباني طابقية فيها 26 شقة، و60 منزلاً قديماً، وباتت آيلة للسقوط بحاجة للهدم والإزالة. كما تصدع 26 بناء طابقياً، و60 منزلاً قديماً، وباتت بحاجة للإخلاء والترميم.
البلدة القديمة: حالة خاصة
توزع الدمار على حارات أرمناز القديمة؛ التلة، الجبانة، الخضر، الخراجية، الوادي والكرسي، والتي يعود تاريخ بنائها لأكثر من 200 عام. في حارة الجبانة انهارت 3 بيوت بالكامل، ومنزل واحد في حارة الخراجية. بينما كانت حارة التلة المؤلفة من 162 منزلاً قديماً هي أكثر تضرراً في البلدة القديمة، وقد انهار فيها بشكل كامل 36 منزلاً، وبات حوالي 45 بيتاً متصدعاً غير قابل للسكن أو الترميم.
وقد ساعدت طبيعة البيوت القديمة في تقليل عدد الضحايا لأن أغلبها تحوي حوش أو باحة داخلية لجأ إليها السكان لحظة الزلزال. حارة التلة عبارة عن بيوت عربية حجرية قديمة، ذات أسقف خشبية وترابية، استُبدل بعضها بأسقف بيتونية. الجدران حجرية تُعرفً بحجر دك، سماكة الواحد منها تصل إلى حوالي متر، وهي مؤلفة من حجارة صغيرة ومتوسطة الحجم وتراب.
أزقة الحارات القديمة ضيقة ولا يمكن للآليات الثقيلة دخولها لإزالة الأنقاض. كما تعترض ترميم البيوت القديمة تحديات تتعلق بهندسة البيوت القديمة، وسقوفها المؤلفة من أقواس وقناطر، بالإضافة إلى مواد البناء المبنية منها، بعضها أثري.
إزالة البيوت المنهارة أو الآيلة للسقوط صعبة أيضاً بسبب تلاصق المنازل، ووجود جدران مشتركة أو متشابكة فيما بينها. ومعظم سكان هذه الحارات من الفقراء ممن قد لا يتحملون تكاليف الترميم وإزالة الأنقاض. ويحذر المهندسون من أن بقاء البيوت القديمة من دون ترميم وتعرضها للعوامل الجوية كالأمطار سيزيد من حالتها سوءاً.
لذلك، طرح بعض المهندسين إزالة بعض الحارات القديمة المتضررة، وهو الأمر الذي يرفضه آخرون. بينما، يتمسك الكثير من الأهالي ببيوتهم. ويقول نشطاء محليون، أن الحارات القديمة تحوي أماكن أثرية من منازل ومساجد وقناطر تعود إلى عصور تاريخية مختلفة، وأنها تمثل أرث أرمناز. لذلك، أطلق بعض الناشطين نداء استغاثة للمساعدة في ترميم البلدة القديمة.
كما طرح بعض المهندسين إمكانية تطبيق المخطط التنظيمي القديم لأرمناز، الذي يعود إلى ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، والذي يتضمن إشادة شوارع واسعة ضمن الحارات القديمة غير المصنفة أثرية، وتعويض من ستمر الشوارع في أملاكهم.
إزالة آثار الزلزال
وحتى ساعة إعداد هذا الخبر، ما زال العمل متواصلاً في أرمناز لإزالة آثار الزلزال. إذ تمَّ فتح الشوارع وإزالة الأنقاض منها ونقلها إلى أماكن تجمع محددة. وتقوم شركة كهرباء جرين انيرجي الخاصة التي تستجر الكهرباء من تركيا وتزود إدلب بها، بإصلاح خطوط الكهرباء واستبدال العواميد المكسورة. كما تقوم وحدة المياه بإصلاح شبكة المياه، وسد وصلات الماء إلى المباني المُهدمة لمنع التسرب.
هيئة الإغاثة الإنسانية IYD وهي منظمة تركية غير حكومية تعمل في إدلب، وبالتعاون مع منظمة الدفاع المدني “الخوذ البيضاء”، عملتا على إزالة وترحيل الأنقاض من أرمناز، وملس وكفرتخاريم المجاورتين، وتجميعها في أماكن محددة. ووظفت IYD حوالي 50 عاملاً لتكسير الانقاض واستخراج الحديد منها وكل ما يمكن بيعه كالألمينوم والأخشاب وغيرها، ومن ثم بيعها وتوزيع ثمنها على أصحاب تلك المباني.
أما عملية ترميم المباني والبيوت المتصدعة القابلة للترميم، فحتى الآن لم تتبنّ أية جهة تمويلها. وزارة الإدارة المحلية في حكومة الإنقاذ، أصدرت تعليمات لترميم المنازل المتصدعة، واشترطت أن تكون بإشراف نقابة المهندسين حصراً. ويتحمل أصحاب المنازل المتضررة تكلفة ترميمها، وفي حال الأبنية الطابقية يتقاسم التكاليف جميع سكانها.
مبادرات أهلية للإسكان
تعتبر أرمناز نموذجاً للتضامن الاجتماعي والمبادرات الأهلية، ولها تجارب سابقة فيه. في العام 2017 تسبب قصف جوي مكثف لقوات النظام على أرمناز بتضرر 127 منزلاً، 70 منها دُمرت بشكل كامل، ما تسبب بمقتل 56 شخصاً. المغتربون من أرمناز، تبرعوا للمتضررين، وساعدوهم على ترميم بيوتهم. الأمر ذاته، تكرر بعد الزلزال، إذ تبرع مغتربو أرمناز للذين تضررت بيوتهم ولأسر الضحايا.
كما أطلق أهالي أرمناز قبل أيام مشروع “بذرة خير” لتوجيه المساعدات المقدمة من المتبرعين وخاصة المغتربين، وتوحيد الجهود وصبها في مشروع سكني مستدام لإيواء المتضررين من الزلزال، خاصة للعائلات الأكثر فقراً، واعتباره صدقة جاريةً. ويستهدف المشروع إنشاء 20 شقة سكنية في المرحلة الأولى. ويسعى القائمون على المشروع لترخيص جمعية سكنية، تتولى إدارة الأعمال فيه. العمل جاراً بوتيرة سريعة، فقد تم شراء الأرض للمشروع، كما تم وضع مخططات المباني والشوارع.