آثار الزلزال في مدينة اللاذقية
من أصل 50 مبنى انهارت بشكل كامل في محافظة اللاذقية، تسبب زلزال 6 شباط 2023، بانهيار 16 بناءً في مدينة اللاذقية على الأقل. وظهرت التصدعات في عشرات الأبنية الأخرى. معظم الأبنية المنهارة كانت غير مرخصة في مناطق عشوائية وبالتالي غير مراعية لمعايير الحماية من الزلازل. إلا أن بعض الأبنية المنهارة كانت مرخصة في مناطق منظمة، ما يشير إلى التلاعب بمواد البناء والفساد في تنفيذها.
الرمل الجنوبي
انهارت عشرة مبانٍ، في عشوائية الرمل الجنوبي جنوبي مدينة اللاذقية، قتل على أثرها حوالى 40 شخصاً. وكل المباني المنهارة كانت طابقية مؤلفة بالحد الأدنى من أربعة طوابق، وأغلبها مسكونة بالكامل. بعض الأبنية المنهارة قديمة شُيدت منذ عشرين عاماً، وأحدثها بني منذ خمسة أعوام. كما ظهرت تصدعات على 30 بناء آخر على الأقل في الرمل الجنوبي، بعضها بات آيل للسقوط بحسب المشاهدات العينية من الخارج، في حين أن بعضها الآخر يحتاج إلى فرق فنية تقوم بالكشف عليها لتحديد سلامتها الانشائية.
والرمل الجنوبي هو مخيم غير رسمي للاجئين الفلسطينيين، يقع على امتداد الواجهة البحرية جنوبي مدينة اللاذقية. تأسس المخيم في الخمسينيات على أرض مستملكة لصالح الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب، التابعة لما كان يسمى حينها بوزارة الشؤون المحلية والعمل السورية، على العقار رقم 1140، بالمرسوم رقم 2316. وكان يسكنه حوالي 10 آلاف فلسطيني قبل العام 2011. المخيم عبارة عن عشوائية ذات كثافة سكانية عالية، وأبنية متلاصقة ومحشورة، وليس فيه سوى شارع رئيسي واحد يسمى طريق البحر. ويعاني الحي من الإهمال الخدمي، ويعد واحداً من أفقر أحياء اللاذقية. وتبلغ مساحة المخيم 2.2 هكتار، وقد نشأ على طرفه الشمالي امتداد توسعي عشوائي يُعرفُ باسم الرمل الشمالي.
المشروع العاشر
وعلى عكس المنطقة العشوائية في الرمل الجنوبي، سقط بناءان في المشروع العاشر وتوسعه، وهي منطقة منظمة تقع ضمن توسعة المخطط التنظيمي لمدينة اللاذقية. البناءان المنهاران مرخصان، ومكونان من خمسة طوابق لكل منهما. ويقع المشروع وتوسعه شمال شرقي مدينة اللاذقية قرب الكورنيش الشرقي. المشروع وتوسعه هما تابعان لقطاع السكن التعاوني، وقد قامت عشرات الجمعيات التعاونية ببناء مشاريع سكنية لأعضائها فيهما، بشكل تدريجي منذ الثمانينيات.
وبالإضافة إلى البنائين المرخصين في المشروع وتوسعه، سقط بناء غير مرخص في منطقة مواجهة لمدخل المشروع، ما تسبب بمقتل عائلة كاملة من سبعة أشخاص.
إحدى اللجان الهندسية التابعة لمحافظة اللاذقية، المشكلة بعد الزلزال، والمكلفة بالكشف على سلامة الأبنية، أخلت خلال الأيام الماضية، سكان 10 أبنية في منطقة المشروع العاشر، لظهور تصدعات فيها، وخطورتها على السلامة الإنشائية للأبنية. أربعة من الأبنية التي ظهرت عليها تصدعات، عمرها حوالي ثلاثة عقود، والبقية أحدث وعمرها لا يتجاوز عشرة أعوام.
مراسل سيريا ريبورت في المنطقة، نقل عن مصادر أهلية من سكان المشروع، أن الجهات المنفذة لم تلتزم تنفيذ الأبنية وفق مخططاتها الهندسية. وبحسب المخططات، كان يفترض إنشاء جدران قص Shear wall في جميع الطوابق، لمقاومة الأحمال الناتجة عن الحركات الزلزالية. ولكن، عند التنفيذ تم تجاهل تنفيذ تلك الجدران في الطوابق العليا، غالباً لأسباب تتعلق بالفساد وتلاعب الجهات المنفذة بكميات مواد البناء.
دمسرخو
وفي مدخل مدينة اللاذقية الشمالي، في منطقة دمسرخو، سقطت ثلاثة أبنية ما تسبب بمقتل حوالي 20 شخصاً. أحد الأبنية المنهارة يقع داخل دمسرخو، واثنان على طوقها الخارجي؛ أحدهما قرب الفرن، والثاني على طريق المتحلق الشمالي. كما تصدعت أيضاً عشرة أبنية في المنطقة على الأقل.
ورغم أنها تقع ضمن توسعة مخطط اللاذقية التنظيمي، إلا أن دمسرخو تضم بعض العشوائيات. وتسود مخالفات البناء في المنطقة، رغم محاولات محافظة اللاذقية ومجلس مدينتها المتكررة لقمعها. ويعود ذلك بشكل رئيسي بسبب استقواء بعض مرتكبي المخالفات في دمسرخو على المؤسسات الرسمية مستعينين بعلاقاتهم القوية مع أجهزة الأمن والجيش.
وجميع الأبنية التي تأثرت بالضربة الزلزالية في دمسرخو غير مرخصة، أو مخالفة للترخيص. على سبيل المثال، أحد الأبنية المنهارة هو بناء سكني يضم متجراً كبيراً لبيع الأثاث، وكان ترخيصه الأساسي عبارة عن مبنى من ثلاثة طوابق. لكن، صاحب المبنى أضاف ثلاثة طوابق إضافية عليه.